لقد تابعت بالأمس مقابلة مطولة مع بشار الجعفري نائب وزير الخارجية السوري، والممثل السابق لبلاده في الأمم المتحدة ، والمعروف بعمق ثقافته ، وشجاعته -وهو يحارب باستماتة وشجاعة منقطعتي النظير داخل قاعة مجلس الأمن الدولي - ضد تحالف الدول الظالمة ، المجند معظمها من طرف الغرب ضد بلاده ، وذلك للأسف قدتم بقيادة بعض دول الخليج وكذا بعض الدول الإسلامية، مثل قطر وتركيا وغيرهم كثير !
والأخطر من كل ذلك وأدهى وأمر أن تكون قطر بموقعها الجغرافي ، وكذا مساحة أرضها المحدودة وعدد سكانها الذي يقل عن نصف سكان مدينة حلب السورية ! وهي التي تاريخها مازال يحبوا على ركبتيه لم يقف بعد على قدميه ، لتكون هي التي تمنع سوريا بتعداد سكانها الكبير وحضارتها العريقة التي تعد توأما للتاريخ ، ولدت معه في نفس الوقت من بطن واحدة !
فسوريا هذه ، وقطر تلك ! قيل لكم أنها تمنعها من حضور جلسات ما يسمى بالجامعة العربية ، تلك التي يجب أن تدعى -لما صار يتحكم فيها المال الحرام - ( مفرقة العرب ) ! فقطر هي التي ساهمت في تشريد الشعب السوري ولَم تستقبل منه لاجئا واحدا ولا حتى طفلا يتيما ولاأرملة !
أعود وأقول بإني قد تابعت بالأمس وبحزن شديدبشار الجعفري وهو الذي كان يجمزر كالأسد في وجه الدول المعتدية على بلاده في قاعات الأمم المتحدة ودهاليزها ، مدافعا عن شرف بلاده ، مخسئا بالحق ممثلي الدول العظمى بالقوة العسكرية، وتلك المتنفذة بالمال الحرام لصالح الصهيونية العالمية ، وإذا (بالجعفري) بلأمس القريب يعتصر من جبين كبريائه - المحترم -أمام تلك الصحفيةالتابعة لقناة الميادين -أقوالا يستفاد من مضمونها بأن دولة قطر تحول بين بلاده (سوريا ) و حضور جلسات الجامعة العربية ! سوريا تلك التي كانت ضمن الدول العربية المؤسسة لذلك الكيان - المشوه(بالتوحد ) السياسي والأخلاقي المدعو الجامعة العربية - وقطر لم تولد بعد يومئذ !
وإن دلت حالة الجعفري النفسية تلك وهو ينطق بتلك الكلمات على شيئ فإنما تدل على أن عظماء العرب قد تمت تصفيتهم قضاء وقدرا ، أوغدرا ، من طرف أعداء العرب ، وأولئك هم : المغفور لهم : جمال عبد الناصر وفيصل بن عبد العزيز وهواري.بمدين ،والمختار ولد داداه ، والحسن الثاني ، وحافظ الأسد، والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ، والحسن الثاني ، و صدام حسين، ومعمر القذافي ، وغيرهم من حكماء العرب ، الذين لو كانوا مازالوا على قيد الحياة لما حصل ماحصل لسوريا ، ولا لغيرها من الدول العربية !
وقد جاء من بعدهم خلف أضاع الأمانة للأسف ، لأنهم مجرد أقوام قد غلبوا على أمرهم ، من طرف الواقع المزري الذي تعيشه بلادهم كلا على حدة ، ومجتمعين معا ! مماجعل هذ الواقع الجديد دولة قطرتأخذ زمام المبادرة وتعيث الفساد والدمار في لحمة الوطن العربي . والمؤسف أن بعض مسؤليها يفاخرون بذلك جهارا نهارا أمام العالم ! لما لم يعد هناك من زعيم عربي يمكن أن يملأ أعينهم المتجهة نظراتها صوب ما يخدم مصالح الغرب الجائر في حق الأمة العربية !
وقد كنت أتمنى على السيد بشار الجعفري أثناء تلك المقابلة أن يتذكر ذلك البيت الذي يصف مكانة أهل سوريا التاريخية قبل أن يقول ما قال وهو : أهلك الدهر من فضلتهم : وذكرهم في عروة الدهر وسام / وأن يتخذ قرارا شجاعا باسم بلاده ، وهو الذي مثلها بشرف لدى
المنظمات الدولية ، وفي أحلك الظروف ! وأن يقضي ذلك القرار بعدم الرجوع إلى الجامعة العربية ، إلا بعد الإعتذار رسميا لسوريا من طرف أولئك الدول المعتدية على سيادتها ، وتلك التي مولت الإرهاب ضدها ! ثم على أن يتم التعويض لها لاحقا بعد كل ذلك عما فقدته من أرواح زكية ، ومادمر لها من منشآت وآليات ، وما أنفقت دفاعا عن بلادها ، وكذا مافات شبابها من تعليم واستثمارات وأرباح ، كان بالإمكان أن يقطعوا بها أشواطا لا بأس بها تجاه التقدم والأزدهار !
وفي الختام فإني أتمنى أن يعود العرب إلى رشدهم ، ويعلمون أنهم في الوقت الذي سوريا تحتاجهم فيه من أجل النهوض بها من كبوتها ، التي كان بعضهم السبب المباشر في حصلوها ! كما أن العرب هم كذلك في حاجة ماسة لسوريا لأنهم بدونها ينقصهم الكثير، وهم يدركون ذلك أكثر من غيرهم !
فهل تتركون - أيها الشعب العربي - سوريا لتكون من نصيب دولة إران وكذا الأتحاد الروسي والصين ؟! فإن قبلتم بذلك ورضيتم به، فذلك هو السفه بعينه . بل الخبل ذاته ! فسوريا أغلى وأعظم من أن تضيع من بين أيديكم جراء نرفزة قبلية طائشة ، وكذا تعنت في غير محله صادر من غير حكيم !
ذ / إسلمو محمد المختار ولد مانا .