صديقي الدكتور المبدع: محمد ولد عبدي، طيب الله ثراه، وجعل جنة الفردوس مثواه، عندما كان في مرضه الأخير، حاولت أن أعبرله دائما -قبل موته- عن مكانته وموقعه في نفوسنا، لأن المبدع -للأسف- لا يسمع ما يدبج في رثائه، ولا يرى نزيف الدموع الذي تذرفه حتى التماسيح-القاتلة للإبداع والمبدعين- على قبره، ولأنه كان لا يشغله المرض عن متابعة بعض "خربشاتي" المتواضعة، على هذه الصفحة الزرقاء، ولو بواسطة صديق، بدليل أنه كان يتصل علي -أحيانا- من سرير مرضه؛ ليعلق -إيجابيا- على بعض ما هنالك، قائلا: قرأ لي فلان.. كذا.. وكذا...
فتمنيت أن يقرأ احتفائي به.. مستبقا موته.. في أيامه الأخيرة، ولست في الحقيقة متأكدا أنه قرأ هذه اللفتة، ولو بواسطة، لكنني شعرت براحة في نشرها، وهو على قيد الحياة، أكثر من راحتي في كتابتي رثاءه المستحق المعتاد، الذي لا يساورني شك في أنه لم يسمعه، ولم يسمع شيئا من كل ما أثير بعده:
أيُّهَا العَبْقَــريُ.. هَــبْـنِي.. كَـــــــــلامَا
نحْوَ علْيَاكَ.. فِي السَّــمَا.. يَتَسَــامَى!
إنَّ للْحَـــرْفِ.. مُذْ مَـــرِضْتَ.. أنَـــيــــنًا
والرُّؤَى.. مُذْ مَرضْتَ.. تَشْكُو السّقَامَا!
سَيِّدَ الحَـــرْفِ.. زَارِعَ الحُــــبِّ.. فيــنا
كُلُّــنَا.. قَلْــبُه.. حَــــوَاليْـــــكَ.. حَــامَا!
القُــلُــــوبُ التي تُحِبُّــكَ.. تَــــــــدْعُو
لكَ.. رَبَّ السَّمَــــــاءِ.. بَرْدًا.. سَـلامَـا!
وشِفَـــــاءً.. وصِحَّةً.. وهَـــــــــــــنَــاءً
ومقامًا.. يَطُـــــــولُ.. طبْتَ.. مقـــامَا!
ليْتَ كُلَّ النُّجُــــومِ.. طَــوْعَ بَـنــــانِي
لتَرَاها.. تزْهُو.. عليْكَ.. وِسَــــــــامَـا!
ليتني أقطفُ الــوُرُودَ.. جَمِـــيــــــعًا
كي تُؤدِّي.. مِنِّي.. إليْكَ.. السـلامَا!
ولو أنَّ الكنوزَ.. كانتْ.. بملْـــــــكِـي
نثَرَتْـــها.. كَفِّي.. عَلَيْكَ.. احْتــــراما!
أدي آدب