الأستاذ محمدو بن البار
للإصلاح كلمة مشاركة بمناسبة اليوم العالمي للعربية في إرجاع باقي الاستقلال الثقافي لموريتانيا بعد 62 سنة من تأخرها عن استقلالها من الاستعمار الفرنسي.
هذا الاستعمار الثقافي تتجدد كراهيته عند رؤية جميع السجلات داخل وزارات السيادة وغيرها من الوزارات التى ما زالت تعمل بلغة المستعمر حتى في أبسط المعاملات بين الوزارات والمواطنين مثل الصادرات والواردات وإذن التخلفات إلى غير ذلك من المعاملات التي ما كان لها أن تكتب بلغة أجنبية إلا إذا كان لا يوجد بين المواطنين لغة وطنية مكتوبة وهي الرسمية في الدستور.
فمن دخل ونظر إلى هذه السجلات ورأى أنها يديرها مواطنون وهي باللغة الفرنسية التي لا ينطقها مهديا آباؤهم ولا أمهاتهم، بل هي استمرار للتفرقة وإجحاف باستعمال لغتين فى وطن واحد.
هذه الحالة المشينة المهينة أظهر نص الدستور المصادق عليه من طرف الشعب سنة 1991 أنها كانت قبل إصداره جريمة أخلاقية وطنية وخوار عزيمه انتفاعية أما بعد إصداره فقد أصبحت جريمة قانونية يعاقب عليها القانون الذي تحمي دساتير الدولة.
فقد جاءت المادة السادسة من الدستور مسجلة فيه هكذا: [اللغات الوطنية هي العربية والبولارية والسنكية والولفية. اللغة الرسمية هي العربية].
وهنا يظهر أن المشرع الدستوري يدرك وجوب دقة الألفاظ الدستورية أصلا ومعرفته هو لبلاغة العربية حيث نص بلاغيا على حصر ترسيم اللغة العربية بإظهاره للضمير المنفصل الذي هو أداة الحصر فقال: "اللغة العربية هي اللغة الرسمية".
وهذه العبارة نصها يبطل العمل بكل وثيقة سيادة عليها ختم الدولة وبذلك أصبحت اللغة الإنكليزية والفرنسية والاسبانية تستوي في بطلان إصدار أي وثيقة تعني سيادة الدولة بغير العربية بمعنى ان الفرنسية لا ميزة فى الدولة بينها وإحدى هذه اللغات ونظرا لوضوح هذه الحقائق أصبح للشعب حق مقاضاة الدولة على صرفها لرواتب من يقوم بتعليم الفرنسية من غير عقد خاص بينه والوزارة المعنية محدود المهمة والأجل: فالباب الآن مفتوح قانونيا للشكاية من أي وزارة تقوم بهذه الجريمة الدستورية ولا سيما إذا كانت مع الإصرار والجهل فالقانون من خصائصه أنه لا يعذر بالجهل.
فهذه الحقائق التي هي جرم متلبس به دائما، فعلى لجنة تفعيل المادة: 6 من الدستور أن تقوم بما يلي:
أولا: تقوم بتشريع نيابتها عن الشعب في حماية هذه المادة وما تنص عليه.
ثانيا: تقوم بتقديم شكوى لدى محاكمنا الجزائية لتصحيح الوضع فورا وإلا تأخذ محاميا وطنيا لذلك إن قبل وإلا فأجنبيا أو المحاكم الادارية الدولية.
فقضية لغة التعليم تعاملت معها سلطات الاستقلال وحتى اليوم معاملة الاغتصاب لسيادة الدولة والشعب إلا أن سلطة الاستقلال لوطنيتها كتبت آنذاك في الدستور عند الاستقلال أن اللغة الوطنية هي العربية وأن اللغة الفرنسية لغة عمل لا يستغنى عنها في الوقت الحالي من غير أن تكتب أنها رسمية محافظة على السيادة.
وبهذه الكلمة الدستورية أباحت الحكومة مزاولة عملها بالفرنسية - ولكن هذه الفقرة ألغاها الدستور 91 كلا لأن نص العمل كان مؤقتا بالوقت الحالي فتجاهل الدستور الفرنسية كما تقدم وجعل مادة ترسيم اللغة العربية مثل مواد المقدسات تتابعا في الدستور وهي العلم والنشيد الوطني وختم الدولة إلى آخره.
وقبل أن أذهب بعيدا عن الموضوع – الذي سأعود إليه قريبا إن شاء الله - فإن المضحك المبكي عندنا هو أن نفس هذا الدستور نص على أن رئيس الدولة هو الحامي للدستور، وعند العقلاء أن الحماية تعني عدم المساس بما ينص عليه الدستور، فالرئيس السابق مزق أحسن ما فيه وهو نشيده وعلمه بالمادة: 38 منه التي لا تعني إلا استفتاء الشعب عند الطوارئ وطريقة تغييره هي التي رفضها الشيوخ وعندهم الحق في ذلك.
أما الرئيس الحالي فبالرغم من أنه لم يكلف نفسه بكتابة مرسوم يلغي فيه استفتاء الاجتهاد الملغى دستوريا ويعيد إلى الشعب نشيده الصادر منه كلماته وتلحينه وعلمه التي مدحت في القرآن أجزاءه :الهلال الذي جعله الله توقيتا لشريعته ومواقع النجوم ، ولباس أهل الجنة الأخضر ليزاد باحمرار الشفاه علامة الفساد الأحمر لياليه وأيامه فبدلا من ذلك الانجاز العظيم لو وقع، ذهب الرئيس الحالي أولا إلى أروبا وألقى فيها خطابه بالفرنسية وهو هنا بهذا الخطاب مثل المكاتب والسجلات وما فيها من المخالفات الدستورية وأكثر من ذلك كله هو ذهابه إلى تونس يمثل موريتانيا في الفرانكفونية فبذلك هو مثل شيئا قد جعل دستور البلاد مكان الفرانكفونية حفرة فهو ذهب يمثل تلك الحفرة ،ومع ذلك هو حامي الدستور ونقول له من خالص قلوبنا من غير نفاق لأنه لا داعي له :نرجو الله أن يحفظك أنت بحفظه دنيا وأخرى فهو الذي لا تأخذه سنة ولا نوم لعلمنا بانجازات لولاه لما حصلت.
ومن هنا اعود إلى جريمة تعذيب المادة الدستورية ليلا ونهارا من طرف أبناء الدستور فأقول إن الإقلاع الفوري عن تلك الجريمة الدستورية أقرب وأيسر على كل مواطن يسره الله عليه وبعد هذا التيسير سيحمد القوم السرى.
فمن المعلوم عندنا جميعا أن ذلك الرئيس الذي نرجو له من الله طول العمر فلخوفه من الله حقيقة هو وحده الذي عمل بأن موريتانيا ليست فرنسية وليست أروبية فالإسلام والعربية لم يجدا مثله من الانقلابيين بعده.
فالشريعة التي طبق والتي سيمثل هو في شأنه ببعض الموريتانيين ويقارن بين وضعهم ووضع هيدالة ومن في شاكلته من المسلمين يوم القيامة يقول تعالى: {وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار أتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار}.
ذلك الرئيس الذي حكم قوله تعالى: {ولكم فى القصاص حياة يا أولي الألباب} طبقا لقوله تعالى: {وان احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم} وعرب التعليم في موريتانيا من 83 إلى إلغاء ذلك التعريب سنة 99 سنة إفساد التعليم المشهور.
فمن أراد أن يطلع على ذلك بنفسه فليعلن إعلانا لأهل الثانوية العامة من سنة التعريب 83 إلى سنة إفساده 99 لتتبعه الدولة كلها من 92 إلى يومنا هذا فى الفساد فالمعنيون بهذا الإعلان لو خرجوا الآن ووقفوا في ساحة ابن عباس ودخل المفتشون عليهم لوجدوا موريتانيا علما عربيا وعقلا وطنيا في جميع العلوم المدروسة علميا ورياضيا وأدبيا فخريجو الثانويات تلك السنوات يمكنهم الآن تعريب موريتانيا لو أتيحت لهم الفرصة.
فلا شك آنذاك أنه وقع تفريق بين المواطنين لغويا ولكن كم كان سيستمر؟ فالبعض منا في الجنوب ترك لهم اختيار الفرنسية دون إجبار على العربية، ولكن من المعلوم أن الثقافة تتبع للبطون.
فلو كان أصحاب الثانوية العربية آنذاك أخذتهم الوظيفة العمومية لتعريب الإدارات لكنا الآن عندنا دستورنا المقدس، وفي الجامعة العربية دون عملنا لفرنكفونية بيننا بل العكس هو الذي وقع ترك جيل من الشباب تلك السنوات بعضه الآن يوجد تابعا للأميين المتفرنسين لأنه من خصائص موريتانيا بين الدول وجود وزراء أميون أو شبه أميين يمثلون الشعب بين الدول بخطاب لا دستورية له مع أن لغة دستوره عالمية يجب دوليا ترجمتها وهو بذلك لا يمثل إلا نفسه مع أن واقعنا اللغوي المزري الذي تركنا فيه إفساد التعليم 99 وجعل اللغة العربية إرثا إنسانيا لغويا فإن كل شيء يمكن إصلاحه ولكن إذا صلح المصلح ولكن البخيل لا يخرج بحثا عن الضيوف فالاستسلام للأفرنكفونيين الموريتانيين وأيديهم تكتب إلى شمالها أمر لا بد له من معجزة وتلك المعجزة أن نرجو من ربنا أن يسخر لنا هذا وما كنا له مقرنين {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين}.