كان من عادة أسر أهل انكذي أن تزور مضارب أهل أعمر إديقب، وقد تصادف صعود الفنانة عيش بنت محمد إعل في أربعينيات القرن المنصرم، مع قمة عطاء أدباء عصر الوسط، وقد قرظها فتى العشيرة أحمد سالم بن سيد محمد بأبيات جميلة المعنى جيدة المبنى وهي :
ما مثل عيش لعمرو الله من شاد
إذا تُعاقبُ إنشاداً بإنشاد
فاقت جميع شداة الخلق قاطبة
شدواً وفى العود فاقت كل عواد
فهي في الشدو في واد ومرتبة
وغيرها من شداة الناس في واد
تسبي بطرف مليح زانه حور
ومبسم كأقاح الرمل وقاد
والله يجعل منها الصيت منتشراً
في حاضر الناس أياً كان والبادي
وقد شاعت الأبيات وذاعت، بعدما غنت بها الفنانة المتألقة عيش بنت محمد إعل بصوتها الشجي، وأصبحت صوتاً من أجمل الأغاني الموريتانية.
وبعد مرور وقت وجيز، وصل إلى مسامع الفنانة عيش أن فنانة تشترك معها في الاسم، تغني بالصوت، وتدعي أنه من لحنها وقيل في تقريظها، فما كان منها إلا أن شدَّت الرحال صوب انيفرار، وطلبت من الفتى ديدِ أن يكتب لها أبياتا جديدة، لا يمكن لمغنية ولا مسمعة أن تدعيها مستقبلا، وهذا الموقف يشي بإدراك الفنانة عيش لأهمية المحافظة على حقوق الملكية الفكرية، وقد لبى الأديب الأريب طلب الفنانة، وكتب لها أبياتاً من أحسن ما قيل من أدب مجالس الشعار:
ثلاث خصال ليس فيهن من مثل
لعيش وأعني عيش بنتُ محمد إعل
ملاحة وجه فى ملاحة مبسم
تسليك عن ليلى وهند وعن جمل
وحسن غناء ما لعزة مثله
وليس لإسحاق المغني ولا الفضل
وضرب يد لم تسمع الأذن مثله
له موقع في القلب يذهب بالعقل