إحساس جميل ونادر ذلك الذي عشته مع الكثير من المواطنين الأسابيع القليلة التي سبقت القمة العربية وخاصة في الأيام الثلاث التي قبلها ويومها .
كان الجميع متوحدين تحت لون العلم الوطني ويشعرون بأن مسؤولية استضافة القمة توحد الجميع ... ما أجملها من أيام توحد فيها الموريتانيون تحت عنوان" موريتانيا" فقط.
صباح يوم القمة وصلت قصر المؤتمرات في حدود الساعة الثامنة ودقائق معدودة.. وكانت المظاهر في نواكشوط الغربية توحي بأننا في عاصمة عصرية من حيث الشوارع والمحلات وتنظيم المرور وغيرها.
أدركت في تلك اللحظات معنى أن يخدم الجميع سمعة الوطن ويهبوا للدفاع عنها أمام الآخرين خاصة حين لا تشفع الجغرافيا ولا البنية التحتية ويغيب التاريخ عن قصد من طرف البعض.
كانت إجراءات الأمن مشددة في كل الشوارع التي مررنا بها, خاصة أمام بوابات قصر المؤتمرات.
بالداخل كانت المراكز الإعلامية الموجودة عبارة عن خلية نحل حيث الحركة الدائبة من طرف الزملاء.
وكم أحسست بالإعجاب والفخر عندما دخلت المركز الإعلامي الدولي حيث عشرات من الصحفيين مختلفي اللغة ومن جنسيات مختلفة همهم الأول نقل صورة عن موريتانيا وتخليد قمتها الأولى في أجندة الأحداث الدولية الهامة في احد أيام يوليو 2016 وهي البلد الذي مازال بعض جيرانه دما وتاريخا وجغرافيا ولعهد قريب ينطق اسمه" بريطانيا".
كنت سعيد جدا أن الجميع يسابقون الوقت في نقل خبر أو صورة أو شعار من شعارات القمة وكلها في النهاية تخلد ذكرا لوطني العزيز الذي طالما عرف في عهود خلت بأحداث مأساوية صارت مرادفة له حتى في الإعلام العربي"المجاعة ، العبودية، الانقلابات".
لقد صححت القمة العربية بفعل مجهودات الزملاء الإعلاميين العاملين في الإعلام الخارجي على وجه الخصوص صورة البلد خلال أيام ما قبل القمة ويومها،فشكرا للإعلاميين العرب الذين تجشموا عناء السفر من بلدانهم لنقل صورة صحيحة عن بلدي وأرجو أن يصححوها مستقبلا لشعوبهم ولمن لم يسعفهم الحظ من زملائهم باكتشافها هنا في الواقع .
كنت فخورا بأن تغطية أهم القنوات العربية والعالمية خصصت جزءا كثيرا من وقتها لتغطية حدث تاريخي سعيد من بلدي وأنا الذي عشت حدث التطبيع وما تناقلته القنوات الإعلامية من صورة سيئة عن دوافعه في الغربة... كما عشت تغطيات إعلامية لانقلابات بعضها دموي وبعضها سلمي ولكنها تتحد في أنها انقلابات تشوه سمعة البلد وديمقراطيته التي يفخر بها.
شكرا لجميع الإعلاميين الوطنيين أيضا على ما بذلوه من جهود في سبيل نقل أخبار القمة بصورة موضوعية وقبل ذلك كانوا اشد حرصا على تغييب الصراعات والمآسي الداخلية من الإعلام الوطني حتى ينسحب الضيوف.
إن يوم ال25 من يوليو2016 سيبقى حدثا تاريخيا وإعلاميا لن يسهل نسيانه على الغيورين من أبناء البلد لأنه وحد الجميع تحت راية الوطنية من جهة وصنع صورة جميلة عكس تلك النمطية المشينة التي عرفنا بها خاصة لدى أشقائنا العرب. من جهة أخرى
بالنسبة ليبقى أهم انجاز للقمة العربية بانواكشوط هو مساهمة الاعلام خاصة العربي والدولي في التعريف بموريتانيا بوجهها الحديث وبصورتها التاريخية "أرض المنارة والرباط" عربيا وعالميا.
ويكفي القمة السابعة والعشرين لجامعة الدول العربية بنواكشوط أهمية أنها وحدت الشعب الموريتاني فعلا من أجل هدف واحد وعاش خلالها معنى الوطنية والتلاحم في سبيل خدمة ضيوف الوطن وجعل ذلك فوق كل اعتبار.
وختاما يجب أن لا ننسى أن الأحداث الكبيرة تصنع الشعوب العظيمة .
بقلم :محمد ولد محمد الامين
الملقب "العميد" كاتب صحفي