كشف نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، محمد دقلو "حميدتي"، عن أن اجتماع عقده مع رئيس المجلس، عبد الفتاح البرهان، أقر بترك أمر اختيار مجلسي السيادة والوزراء للمدنيين، مؤكدا "التزامه الصارم بتعهداته السابقة، بخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، والانصراف تماما لمهامها المنصوص عليها في الدستور والقانون".
وقال حميدتي في بيان نشر على الصفحة الرسمية لقوات الدعم السريع التي يقودها، إن "الاجتماع الذي عقد الخميس، أقر بشكل قاطع بأن يتولى المدنيين اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنيين".
كما أكد تطلعه إلى "توافق قوى الثورة على تشكيل حكومة مدنية بالكامل لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، بما يؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي".
وشدد كذلك على "أهمية التنسيق والتعاون بين جميع السودانيين لإزالة المصاعب التي تواجه عملية الانتقال، وخلق البيئة المواتية للتقدم إلى الأمام، تحقيقًا لتطلعات الشعب في بناء دولة ديمقراطية مستقرة".
وكان حميدتي قد رحب بشكل مفاجئ بمشروع الدستور الانتقالي الذي أعدته اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين، والذي لاقى قبولا كبيرا من المجتمع الدولي.
الدستور الانتقالي المقترح
نص الدستور الانتقالي المقترح على "إلغاء كافة القرارات التي ترتبت على الإجراءات التي اتخذها قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021".
ألغى النص كذلك الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس 2019.
وشملت أهم بنود الإعلان الدستوري، إقامة دولة مدنية تتبع نظام الحكم الفيدرالي، وتنأى بالمؤسسة العسكرية عن العمل السياسي والحكم.
نصت كذلك على دمج القوات العسكرية في جيش مهني واحد تتركز مهمته في الدفاع عن سيادة وحماية حدود البلاد، وحماية الدستور الانتقالي، وتنفيذ السياسات العسكرية والأمنية للدولة.
وأكدت على تنفيذ السياسات المتعلقة بالإصلاح الأمني والعسكري، وفق خطة متفق عليها من جميع الأطراف.
كما شملت البنود التأكيد على تبعية جهازي الشرطة والأمن إلى السلطة التنفيذية، على يكون رئيس الوزراء هو القائد الأعلى لها.
ويشهد السودان أزمة سياسية وأمنية حادة، حيث قتل 117 شخصا في الاحتجاجات المستمرة التي اندلعت في العاصمة الخرطوم وعدد من المدن الأخرى، رفضا لإجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر، التي قال البرهان إنها "تهدف لتصحيح مسار الثورة السودانية"، بينما تعتبرها القوى المعارضة "إجهاضا للثورة".
مخاوف دولية
وتعيش البلاد فراغا سياسيا خطيرا في ظل فشل كل المحاولات التي سعت لتشكيل حكومة انتقالية جديدة. وإثر ذلك:
أوقف المجتمع الدولي تعهدات ومساعدات بقيمة 8 مليارات دولار.
كما علق نادي باريس خطوات اتخذت في عهد حكومة رئيس الوزراء عبدالله حمدوك، وكانت ستؤدي إلى إعفاء معظم ديون السودان المقدرة بنحو 64 مليار دولار.
وتقول بلدان الاتحاد الاوروبي ومجموعة "الترويكا" المكونة من النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، إنها "لن تتعامل مع أي حكومة يتم تشكيلها في السودان، دون موافقة القوى السياسية الفاعلة في الشارع".
وحذرت الأمم المتحدة من "تدهور الأوضاع في السودان، في ظل غياب حلول فعلية لاستعادة انتقال ديمقراطي ذي مصداقية".
وأشارت المنظمة في تقرير قدمه الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان، فولكر بيرتس، أمام مجلس الأمن الدولي، إلى "ارتفاع وتيرة انتهاك حقوق الإنسان والتدهور الاقتصادي والأمني".
كما حذر التقرير من "الأوضاع الاقتصادية الخطيرة التي تعيشها البلاد، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتعطل سلاسل الإمداد واتساع رقعة انعدام الأمن الغذائي التي تطال ربع سكان البلاد"، البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة.
ونبه التقرير إلى "التدهور الكبير في الأوضاع الأمنية وانتشار النزاعات القبلية والأهلية، خصوصا في إقليمي دارفور والنيل الأزرق، مما أدى إلى سقوط مئات الضحايا ونزوح عشرات الآلاف من مناطق النزاعات".