تسجل الجزائر كل يوم تقريبا حوادث مرور مميتة على الطرق الكبرى خاصة في المناطق الداخلية، فما هي أسباب "نزيف الإسفلت"، وما هي الإجراءات التي تتخذها الدولة للتصدي لهذا الارتفاع الخطير؟
وبلغ عدد الوفيات بسبب حوادث المرور خلال النصف الأول من عام 2022 ،1221 حالة وفاة، فيما تجاوز عدد المصابين أكثر من 44 ألف، وفق معلومات حصل عليها موقع "سكاي نيوز عربية" من مصالح الحماية الدفاع المدني الجزائري.
وسجلت مصالح الحماية المدنية خلال الفترة ما بين الأول من يناير إلى 29 أغسطس أكثر من 35 ألف تدخلا، بغرض إنقاذ الأرواح وإسعاف ضحايا حوادث المرور.
ووصف النقيب بن أمزال زهير، المكلّف بالإعلام لدى مصالح الدفاع المدني الجزائري، تلك الأرقام بالخطيرة، موضحا أن "الأرقام المسجلة خلال هذه الفترة خطيرة. نحن في منتصف العام وقد تجاوزت الحوادث القاتلة حدود المعقول وهي تناهز تقريبا عدد الوفيات المسجلة خلال العام الماضي خلال 12 شهرا".
بحسب بن أمزال، فإن 90 في المئة من الحوادث المميتة راجع إلى العامل البشري سواء بسبب الإهمال أو التهور وعدم أخذ قسط كاف من الراحة والنوم بالنسبة لسائقي الشاحنات وحافلات النقل الجماعي.
وأضاف في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن: "معظم الحوادث المسجلة هي عبارة عن اصطدام وانقلاب للمركبات بسبب السرعة المفرطة والمناورات الخطيرة وأيضا استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة".
وتعرف المدن الداخلية من الجزائر مثل محافظة المسيلة والجلفة وعين الدفلى بتسجيلها لأعلى معدلات الوفيات في الحوادث، بينما يتراوح المعدل العمري لضحايا تلك الحوادث ما بين 20 إلى 30 عاما.
تحاول عدد من الصفحات الجزائرية عبر مواقع التواصل الاجتماعي توجيه تحذيرات للمواطنين وخاصة الشباب، وذلك بنشر صور وقصص لضحايا حوادث المرور المميتة.
ولعل من أبرز قصص حوادث المرور التي هزت الشارع الجزائري مؤخرا حادثة المجزرة المرورية التي شهدها الطريق الوطني الرابط بين قالمة عنابة في سلطانة والتي شهدت اصطدام شاحنة وحافلة نقل مسافرين، ما أدى إلى وفاة 4 أشخاص و28 جريحا.
كما لا يزال الشارع الجزائري يتذكر حادثة وفاة اللاعب الجزائري بلال بن حمودة (25 سنة) الذي توفي مع صديقه إثر حادث مرور أدى إلى احتراق سيارته، وهو في طريق العودة إلى بيته بعد لقاء كروي شارك فيه ضد منتخب الكونغو الديمقراطية، سجل خلاله آخر أهدافه لصالح المنتخب الوطني.
ويؤكد الباحث الدولي الجزائري المتخصص في السلامة المرورية محمد كواش، أن ما يحدث في طرقات الجزائر من حوادث لا يتعلق بعدد الوفيات فقط وإنما بتداعيات الحوادث التي تخلّف أيتاما وأرامل وإعاقات يعيش معها ضحايا الحوادث مدى الحياة.
وسنّ المشرع الجزائري العديد من القوانين ضد مخالفي قانون السير، واعتمد في بداية الأمر إجراء سحب رخصة السياقة ضد المخالفين سواء فيما يتعلق بالسرعة المفرطة أو عدم احترام إشارات المرور.
ومؤخرا قامت السلطات بإلغاء قانون سحب رخصة السياقة واستبداله بالغرامات المالية ضد من يثبت مخالفته لقانون المرور، حيث يعتبر القانون الجزائري تجاوز حد السرعة القانونية المرخص بها بنسبة تفوق 30 في المئة جنحة يترتب عليها غرامة مالية تتراوح قيمتها ما بين 20 إلى 50 ألف دينار جزائري مع إعطاء الحق للجهات القضائية في إمكانية تعليق عمل رخصة السائق لمدة سنة كاملة.
ويرى كواش أن ظاهرة حوادث المرور في الجزائر، معقدة وخطيرة، ولا تتعلق فقط بالسرعة المفرطة وإنما أيضا بنوعية المركبات الأسيوية التي يتم تسويقها في السوق الوطنية رغم أنها لا تلبي معايير السلامة المرورية.