حين أعلن فلاديمير بوتين غزو أوكرانيا، كانت الحرب بعيدة عن الأراضي الروسية. في غضون أيام قليلة، عاد الصراع إلى الوطن – ليس بصواريخ السفن وقذائف الهاون، ولكن في شكل وابل واسع غير مسبوق وغير متوقع من العقوبات الاقتصادية من قبل الحكومات والشركات الغربية.
ماكدونالدز، التي كان افتتاحها في روسيا عام 1990 ظاهرة ثقافية، وسيلة راحة حديثة متألقة في بلد يغلب عليه الركود بخيارات محدودة، انسحبت تماماً من روسيا رداً على غزوها لأوكرانيا.
كما حظرت 27 دولة في الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك الولايات المتحدة وكندا الرحلات الجوية من وإلى روسيا. كانت العاصمة الإستونية، تالين، وجهة عطلة نهاية أسبوع طويلة مدتها 90 دقيقة بالطائرة من موسكو، واستغرقت فجأة 12 ساعة على الأقل للوصول إلى طريق عبر اسطنبول.
حتى السفر غير المباشر عبر الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي قد تقلص بالنسبة للروس. حظرت روسيا "فيسبوك" و"إنستغرام "، وأغلقت الوصول إلى مواقع وسائل الإعلام الأجنبية. وشملت تلك العقوبات المفروضة على روسيا مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والأدب والفن والرياضة والإعلام والتبادل الأكاديمي، حيث توقفت "والت ديزني" و"وارنر براذرز" و"باراماونت" وشركات الأفلام الأخرى عن إطلاق أفلام جديدة في روسيا؛ أوقفت آبل وجوجل وفيسبوك ويوتيوب وأديداس أعمالها في روسيا؛ منعت الوفود الروسية من المشاركة في مهرجان كان السينمائي ومسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن"، كما تم استبعاد روسيا من مونديال قطر 2022.
ليس هذا فقط، تم إلغاء مشاركة قائد الأوركسترا الروسي الشهير فاليري جيرجيف لاقترابه من الرئيس بوتين؛ وإلغاء العروض الدولية لفرقة موسكو للباليه الملكي؛ وحظر "روسيا اليوم" ووكالة سبوتنيك الروسيتين في دول الاتحاد الأوروبي؛ وتعليق التعاون الأكاديمي بين جامعات ألمانية ودنماركية وبين روسيا، كما تم حظر عمالقة الأدب الروس مثل دوستويفسكي وتولستوي.
لكن الروس سخروا من ذلك. أولا لأنهم أعدّوا بنيتهم التحتية للبدائل التكنولوجية. أما الأكثر تعبيرا عن ذلك فهو قول الكثير منهم إنّ تلك العقوبات قد تحرم الروس رؤية فيلم خيالي كاذب أو تنورة قصيرة، لكنها في الحقيقة تحرم الغرب الغذاء والأكل والطاقة التي تحرك حياته وكل مفاصلها لأن كل ذلك مصدره روسيا لا الغرب.