ظلت فكرة السور الأخضر العظيم الذي استوحى اسمه من سور الصين العظيم، واستلهم فكرته من جدار الصين الأخضر، حبيسة الأوراق والمستوى النظري اثنتي عشرة سنة حتى جاء فخامة رئيس الجمهورية وألقى بثقله خلفها لتخرج من جدث النسيان.
فبحكم قيادة موريتانيا لدول الساحل ووجود مقري الخمس والوكالة الإفريقية للسور الأخضر العظيم في انواكشوط، كان على فخامة رئيس الجمهورية الدور الأكبر في حشد التأييد وتعبئة الموارد للسور إفريقيا ودوليا؛ فقد ألزم الحكومة ضمن برنامج أولوياتي الموسع بتسريع تنفيذ الشق الوطني منه، وكانت مشاركته الموفقة في قمة "كوكب واحد" يناير 2021، وخطابه الشهير الذي ركز على الموضوع ومصداقيته لدى الشركاء التي شهد بها المؤتمرون على لسان رئيس القمة الرئيس الفرنسي قائلا له: "اعرف عنك انسجام الأقوال مع الأفعال"، كانت تلك المشاركة وذلك الخطاب عاملا مهما في استصدار آلية تسريع السور التي كانت من أهم مخرجات القمة، حيث تم التعهد بتعبئة مبالغ طائلة وصلت 16 مليار يورو في أواخر 2021 من أصل 33 مليار قدرت بها الوكالة الإفريقية تكاليف السور، كما أعطت مشاركته في قمة "كلاسكو" الاسكتلاندية ومطالبته بجعل السور أولوية دولية دفعا قويا للمشروع.
وأخيرا وقبل شهرين وبحضوره تعهدت قمة في "ساحل العاج" بتوفير مليار دولار قبل نهاية العام.
هذه الموارد وغيرها مما توفره الدول الأعضاء الإحدى والعشرون مخصصة للتدخل في أحدى عشرة دولة ضمن خط ضيق يبلغ عَرضه 15 كلم، وفي بلادنا يمر بست ولايات عابرا أجزاء صغيرة من أربع وأربعين بلدية.
هذه الوسائل التي عبأها رئيس الجمهورية لو حُسب نصيبنا منها لأغنى موريتانيا كلها أحرى هذا الشريط الضيق المستهدف، ولكن حسب وثائقي في قناة الجزيرة فإن موريتانيا ومالي لم يحققا نتائج ملموسة، بينما حققت أثيوبيا معجزة وبدرجة أقل النيجر وأرتيريا والسنغال، وهذا ما ذكرني بالمثل الموريتاني (حفرة الأعمى) التي يحفرها ويتفل خارجها، فقد استضفنا المقر وعبأنا الموارد وكانت النتائج في مواقعَ أخرى.
الجميع يعرف أن الموارد وجهت إلى غير وجهتها، وأن القيادة تدخلت لتصحيح الوضع، فهل يتحقق لها ذلك؟ أم أن الغيث تبوع ـ كما يقال ـ
وهل تستطيع الوزيرة الشابة الملتزمة النظيفة القادمة من الوسط الأكاديمي ضبط الإيقاع؟ أم ستضطر للرقص على رؤوس الأفاعي كما قال الرئيس اليمني السابق علي صالح.
وهل يستطيع المسؤولون الجدد السير على درب الإصلاح؟ أم أن الدرب هو الذي يسير بالمسؤولين عادة كما قال إيليا أبو ماضي في طلاسمه.
وطريقي ما طريقي *** أطويل أم قصير
أأنا السائر في الدر*** ب أم الدرب يسير
أم كلانا واقف والد *** د هر يجري لست أدري
لست أدري ـ ولماذا *** لست أدري؟، لست أدري
ختمت هذه المقالة أو المدخل بالطلاسم متعهدا إن شاء الله بتفكيك رموزها في مقالات لاحقة موثقة وصريحة انطلاقا من تجربة عشتها وملتقيات حضرتها وتحريات قمت بها، فالأمر أخطر من كل متصور.
د/ محمدن محمد دي
عمدة بلدية بوطلحايه