.. وتأتلق أنجم نواكشوط؛ تزهو.. ترقص؛ تخضل؛ وما لها أن لا تأتلق.. تزهو؛ ترقص؛ تخضل؟
لا عطر بعد عروس.. وكرام بني أبيها هاهم يحجون إليها..
غمط بعض أبناء العمومة؛ الذين يعانون نقصا في مادة التاريخ من قدر موريتانيا؛ جهلا أو تجاهلا؛ نلتمس لهم أحسن المخارج؛ فنحن قوم نصل الرحم؛ ولا نؤذي بني العم..
شبهوا شنقيط يوما بتيم التي لا تستشار.. ولا يسأل عنها إن غابت..
غير أن البطل الشجاع الرئيس محمد بن عبد العزيز أثبت أنها قريش العرب.. وأن الدماء العربية الفوارة ما زالت تمور خلال العروق..
وأننا قوم نحن الأنف والأذناب غيرنا..
وظلت الحقيقة كما كانت:
كانت قوافل الحجيج؛ تنثر المجد؛ الشمم؛ الزهو؛ اللغة؛ البيان؛ حوالي طريقها من منكب المجد؛ إلى مطلع الشمس؛ تنمو ورود.. تثمر أفنان؛ وتأتلق واحات من الشمم.
عرانين المجد؛ شم الأنوف الأُول تركوا كلمة باقية في الأخلاف البررة؛ شم العرانين؛ أن كل طرق المجد تؤدي إلى شنقيط.
كذلك قال التاريخ؛ حين ركعت له الجغرافيا.. وكذلك قال الحاضر؛ وكذلك كان..
حافظ الأسلاف في سنوات غبر؛ على وصاة الآباء في هذا المنكب؛ وكانوا رسل الحضارة والدين والسلم.
عاشوا على شحط المزار أحزان الأشقاء؛ ورفعوا الأكف ضراعة للباري؛ وقدموا النفوس والأموال افتداء لحق عربي أريد له أن يضيع؛ وتأبى المروءات أن يسقط بالتقادم.
سارت موريتانيا ـ الحاضر على درب الغر من الجدود. لم تغب.. لم ترغب بنفسها عن ركب العمومة.. وأنى لها ذلك.
تخلصت موريتانيا ذات يوم وضاء طلق من عار أريد له أن يدنس قسمات منارة شنقيط؛ وداست البلدوزرات العربية للمرة الأولى منذ بداية الوجع العربي سفارة صهيونية؛ نبتت كجرثوم غريب في أرض طاهرة؛ لا يركع فيها للصليب؛ ولا يعيش فيها الخنزير؛ ولا يهينم فيها بالتلمود.
وقف الأغر الحامي الذمار محمد بن عبد العزيز؛ وأعلنها مدوية؛ كفر بمعادلة الرغب والرهب؛ وقال " لا مقام لكم.."؛ هذه شنقيط؛ وهي أرض طهر وستبقى كما كانت.
وحين دجت الخطوب حوالي ركب يعرب؛ وتلاطمت المحن شرقا وغربا؛ وفرخ طاعون الإرهاب وباض خلال خيمة يعرب؛ واستيقظت طموحات الذين يرومون الجوس خلال الديار، ورفض البعض أن يستقبل قادة الأمة؛ قال الشهم الشجاع القومي المسلم المؤمن: نحن لها..
سنستضيف أبناء العم؛ ولو تحت خيمة من خيامنا الأصيلة..
كان يعي ما يقول.. ويعرف أن في جعبته من الرجال من يستطيعون إركاع المستحيل وأكثر..
ولم ينم أبناء الحرائر.. واصلوا الليل بالنهار.. تحولت نواكشوط إلى خيمة عربية كبيرة..
نواكشوط اليوم قاب زغرودة من استقبال ضيوفها المبجلين.. وعلى قمة نواكشوط يعلق العرب من البحر إلى البحر كل آمالهم.. ولذاك فهي قمة الأمل في مدينة الأمل.
كان محمد بن عبد العزيز واعيا حينما قال سنعقد القمة ولو تحت خيمة.. وصدق فهاهي نواكشوط خيمة العرب الكبرى.