اعلم أنني حرب بأربعة رؤوس. حرب بكاملها وبدخانها وسباياها وجرحاها ذوي السيقان المبتورة.
صعب المراس، ففي رأسي تتعارك كل زوابع الصحراء وكل أراشيف تاريخ الثأر والدم المسطرين في ظمئها الأزلي. كل أمجاد النخاسة وأحقاد العبيد وعقد الفقهاء من النساء والحرية.
أناني أنا، لدرجة أنني وأنا أفكر في نفسي ومصالحي وخططتي السرية لتدمير سعادات العالم الصغيرة، فقدت ذاتي والتبست بالآخرين (الهوس القهري بمصالح الآخرين في حقيقته مجرد شغف بالذات. شغف التفافي أكّال)، نعم واقع في غرام نفسي لذا أفيض على البعيدين!.
تعلقتُ بملحفتك كشوكة في قدم جدي حاديا وراء النوق… مصفرا في غبار تثيره الأبقار بأظلافها، شاهقا في ثقوب الناي على إيقاع ثغاء التيوس حين تحن للتزاوج.
اعلم ان تلك المياه الممتعة التي تمتلئ بها أضلاعي وصدري، كلما شاهدتك بعينيك الحزينتين، وأنت تخفين مشروع دمعة في منديل ابتسامة، ليست سوى انتقام جذري من هيئتي التي تبدو غير مبالية في أحايين كثيرة.
ماذا تنتظرين من رجل لقنوه أن “صوت المرأة عورة”، وأن جاذبية مشية الهوينى على رمال البحر المليسة، لسيدة تطلق للريح ضفائرها وأفكارها، مؤامرة كونية، وتوقيع سري مع الزلازل والبراكين الماحقة؟.
قد يحدث يا سيدتي أن أحبك… أن أحبك نعم، قد يحدث، غير أنني أسمى من بشرية الحب نفسه، وأعلى من أن أركع أمام جلالتك مجسدا الهشاشة البشرية مثل انهيار ثلجي لطيف!
أعلم أن رائحة الحناء تدوخني إلى حد التبخر، تلفحني بهواء آدمي يحيي بداخلي كل الأسلاف المصففين في صمت داخلي، غير أن جدي وسلفي الأخير يومئ إلي وهو يرفع عمامته عن وجهه: لا يليق بك أن تتهدم أيها الرجل الصلب!
خائف منك أنا وأريدك في الآن ذاته. أحبك وأكرهك. أدافع عن حريتك ولكن بشروط؛ أنا معلق بين أنا وأنا… بين حفيدي وجدي. خضتُ حروبا وقتلت وقُتلت، وحرفت نصوصا مقدسة لأبيح لنفسي التصرف في جسدك المحكوم عليه بأن لا يتقن لغة ولا رقصة إلا التي رسمت أنا حدودها، وعزقت موسيقاها، واستسغت اللحن والإيقاع.
أنا العاشق في الشعر، القاحل في الممارسة، والشهيد في ساعات الشرف دفاعا عن حوزتك/حوزتي الجسدية، والميت دون رقعة لا تتعدى وزن حلزون! إنه قدَرك أيتها الناجية من كل جبهات القتال، من كل مصايد التاريخ وأحابيله، والناجي لا يملي شروط السلام ولا شروط الحرب. أنت ناجية، وهذا الوصف لوحده تراجيديا أخرى!..
النص عن الهجوم على نساء موريتانيا، ويجوز أن يستوعب رقعة جغرافية أكبر