«الخماسي النووي» يتعهد تقليص المخاطر الاستراتيجية في العالم

أصدر قادة البلدان الخمسة النووية الكبرى بيانا أمس، شدد على الالتزام بتجنب اندلاع مواجهة نووية، والتعهد بتقليص المخاطر الاستراتيجية وكبح جماح سباق التسلح في العالم.

وشكل البيان المشترك الذي نشره البيت الأبيض والكرملين في وقت متزامن، أول إشارة في العام الجديد، إلى توجه القوى النووية العظمى (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا) نحو تعزيز قنوات الحوار، وسط تصاعد التوتر بين روسيا والغرب بشأن أوكرانيا، وملف تمدد حلف شمال الأطلسي شرقا. ورأت موسكو أنه يشكل مقدمة مهمة لـ«خفض التوتر في ظروف عالمية صعبة»، فيما أشادت بكين بمسار «تعزيز الثقة وإحلال التعاون والتنسيق مكان التنافس».

وأكد البيان الذي وقعه زعماء الدول النووية الخمس الكبرى أنه «لا يمكن لأي طرف الانتصار في حرب نووية ولا يجب السماح باندلاعها»، محذرا من أن «استخدام التقنيات النووية ستكون له عواقب بعيدة المدى. وزاد أن الأسلحة النووية يجب أن تخدم أغراضا دفاعية وردع العدوان ومنع الحرب» مع وجوب منع زيادة انتشار هذه الأسلحة.

وأبدت الأطراف التزامها بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، بما في ذلك ما تنص عليه المادة السادسة حول «مواصلة المفاوضات بحسن نية بشأن التدابير الفعالة المتعلقة بوقف سباق التسلح النووي في موعد مبكر وبنزع السلاح النووي، وبشأن معاهدة بشأن نزع السلاح العام الكامل في ظل رقابة دولية صارمة وفعالة».

وزاد البيان أن كل طرف سيواصل الحفاظ على التدابير الوطنية لمنع الاستخدام غير المصرح به أو غير المقصود للأسلحة النووية. وأعاد التأكيد على بيانات مماثلة سابقة تضمنت تشديدا على أن الترسانات النووية التي تمتلكها الأطراف الموقعة، ليست موجهة ضد بعضها البعض، أو ضد أي بلدان أخرى.

وشدد بيان «الخماسي النووي» على الرغبة في «العمل مع جميع الدول لتهيئة بيئة أمنية أكثر ملاءمة لإحراز تقدم في نزع السلاح، بهدف الوصول إلى هدف نهائي هو عالم خال من الأسلحة النووية مع أمن غير منقوص للجميع». وقال البيان: «نعتزم مواصلة البحث عن نهج دبلوماسية ثنائية ومتعددة الأطراف لتجنب المواجهات العسكرية، وتعزيز الاستقرار والقدرة على التنبؤ، وزيادة التفاهم والثقة المتبادلين، ومنع سباق تسلح لا يفيد أحدا ويعرض الجميع للخطر. نحن مصممون على متابعة الحوار البناء مع الاحترام المتبادل والاعتراف بالمصالح والمخاوف الأمنية لبعضنا البعض».

وذكرت الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، أنها تعتبر مسؤوليتها الأساسية منع الحرب بين الدول النووية وتقليل المخاطر الاستراتيجية. ورأى البيت الأبيض في بيان أن الأطراف الخمسة أكدت أهمية التصدي للتهديدات النووية، وشددت على أهمية الحفاظ على الاتفاقات والالتزامات الثنائية والمتعددة الأطراف بشأن عدم الانتشار.

وفي موسكو، أشادت الخارجية الروسية بصدور البيان، وأعلنت أن هذه النتيجة «تم التوصل إليها بفضل مبادرة روسية». وأعربت الناطقة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، عن «أمل بأنه في ظل الظروف الصعبة الحالية للأمن الدولي، أن تساعد الموافقة على البيان السياسي من قبل قادة القوى النووية على خفض مستوى التوتر الدولي وكبح سباق التسلح، والمساعدة في بناء الثقة وإرساء أسس المستقبل… وكذلك اتخاذ التدابير للحد من مخاطر الأسلحة الهجومية والدفاعية». وزادت أن الجانب الروسي «روج باستمرار لفكرة تأكيد مبدأ منع اندلاع مواجهة نووية من جانب خماسي القوى النووية الكبرى». وكشفت الدبلوماسية أن هذا البيان كان معدا للنشر بالتزامن مع بداية المؤتمر العاشر بخصوص عدم انتشار الأسلحة النووية. وكان من المفترض افتتاحه في نيويورك في ٤ يناير (كانون الثاني) لكن تم تأجيله بسبب تدهور الوضع الوبائي في الولايات المتحدة، موضحة أنه «نظرا لأهمية البيان المشترك، قررت القوى النووية عدم تأجيل نشره».

ولفتت زاخاروفا إلى أن الوثيقة «تكمل وتطور البيانات الثنائية التي تم تبنيها سابقا على أعلى مستوى مع الولايات المتحدة والصين». وألمحت الدبلوماسية إلى أن صدور البيان يعزز «الفكرة المهمة بالنسبة إلينا، وهي عدم جواز شن أي حرب بين الدول النووية، سواء باستخدام تقنيات نووية أو باستخدام الأسلحة التقليدية، كما أنه يعيد التأكيد على الالتزامات التي سبق أن قبلتها الأطراف الخمسة بعدم توجيه الأسلحة النووية ضد بعضها البعض أو ضد دول ثالثة»، مشيرة إلى الأهمية الخاصة لمبدأ «إطلاق حوار بين البلدان على أساس الاحترام المتبادل والاعتراف بمصالح ومخاوف بعضنا البعض في مجال الأمن».

وفي بكين، نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن نائب وزير الخارجية الصيني ما تشاوتشو قوله إن «البيان المشترك الصادر عن زعماء الدول النووية الخمس سيساعد في تعزيز الثقة المتبادلة واستبدال التنافس بين القوى الكبرى بالتنسيق والتعاون». ووصف الاتفاق بأنه «إيجابي ولديه ثقل»، موضحا أنه سيساعد في إيجاد «علاقة متوازنة بين القوى الكبرى». وتابع أن البيان «يجسد الإرادة السياسية للدول الخمس لمنع حرب نووية ويعبر عن الصوت الموحد الداعي للحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي العالمي وخفض خطر اندلاع نزاع نووي». وأضاف التقرير أنه «يتعين على الدول الخمس أن تتخذ البيان المشترك كنقطة انطلاق جديدة وأن تزيد الثقة المتبادلة وتعزز التعاون وتؤدي دورا نشطا في بناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن».