لاشك في أن أطباء البلاد رأس داء العباد ، كلنا يدرك ما للطب من أهمية في استمرار حياة البشرية ، ولكن في بلادنا انعكس الأمر حين يعلم المواطن البسيط المتوجه إلى المستشفى أن الطبيب لايعتني به إلا في عيادته الشخصية فيبحث ذاك المسكين الذي لا تتوفر لديه أبسط ظروف ولا إمكانيات العيش عما يسدد به فاتورة الدخول على ذاك الجزار ، فيجد نفسه مجبرا على التعاطي مع تلك الظروف الصعبة والقاسية فيلجأ لديون تثقل كاهله ومن هنا تبدأ رحلة الألم الحقيقي والمعانات مع أولائك المتاجرين بالخدمات الإنسانية. إن المتأمل بنظرة بسيطة يدرك ما يبدو جليا من خلال أولائك التجار الذين يتخفون في زي أطباء بعد أن كانو على مهنتهم أمناء ، ليرى كيف تبدأ المتاجرة باروح البشرية والمعانات الإنسانية قصد جمع أكبر كم ممكن من المال ، خصوصا لما يرى تزاحم طوابير من لاحول لهم ولا قوة وسط معاناة يندى لها جبين كل مؤمن إلا الطبيب ، الذي أمر سكرتيريته بالمحافظة على مهنة السمسرة التي يمارسها ذاك المتاجر بالطب ، ومن أجلها فتح العيادة وليس بإمكان المسكينة أن تخالف أوامر سيدها حتى لا تتعرض للطرد من طرف من لايريد إلا التحصيل ، لذا تجد أنه على الراغب في التحدث معها دفع مايلزم لذلك قبل أن تقول: نأسف لعدم تلبية النداء الرجاء المعاودة لاحقا. وكثيرا مانرى تزاحم من دفعوا الفاتورة اللازمة عند بوابة الطبيب قصد معالجة الداء ولكن أنى لهم ذلك فمن قدموا إليه لايفكر إلا في المال وجمع وسائل الراحة والكمال ، ليجدو أنفسهم أمام طبيب لايبالي فينظر لذاك ويكتب له ماتشتهيه نفسه من السم ثم يكتب لذاك كمية أخرى قدتكون أكثر أو أقل ، وهكذا توزع السموم على المواطنين وهكذا يؤدي الطبيب واجبه الديني والأخلاقي والوطني ، وضمن حلقات قادمة سنكشف شيأ فشيأ وبإذن الله حقيقة أولائك المتاجرين بأرواح المسلمين والعابثين بصحة المواطنين.
محمد المصطفى / مبارك