بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله و سلم على نبينا محمد سيد الأولين والآخرين.
《إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب》صدق الله العظيم
رسالة إلى وطن العلم والأخلاق والسيادة
بقلم الدكتور يوسف ولد حرمة ولد ببانا
رئيس حزب التجمع من أجل موريتانيا (تمام)
إليك يا وطني الحبيب أكتب حروفي هذه وكلي ثقة أن ما أشاهده الآن في ربوعك هو ضوء يبدو في نهاية نفق مظلم دَخَلْتَهُ قهرا رغم توفر الكثير من أسباب النجاح والتميز، وزاد من وطأة ظلامه الدامس ظلم أبنائك لك وما أظهروا من فساد في برك وبحرك.
أكتب إليك وأنت تحتفل بمرور الذكرى الثانية لتنصيب الرجل الذي أعاد بناء قيم المجتمع وتثمين ماضيه و التطلع لبناء حاضره واستشراف مستقبله، وحقق رغم الظروف العالمية الصعبة وفي عامين إنجازات لامست هموم المواطن البسيط، وأظهرت أن الدولة في هذا العهد الذي للعهد فيه معناه لم تعد دولة بين الأغنياء، بل ركزت سياساتها التنموية على الأهم وتجاوزت الخطابات العاطفية الجوفاء التي يتشدق بها السياسيون ويتخذونها مطية لتحقيق مآرب أخرى لا تفيد المواطن و لا الوطن .
وعلى الرغم من ضعف التسويق الاعلامي للانجازات التي تمت وعجز الحكومة عن مواكبتها ، وتغافل الكثير من السياسيين عن الإشادة بما تحقق، علما انه قد تحقق الكثير نذكر منه على سبيل المثال لا الحصر:
- برنامج الأولويات الموسع الذي أعلن عنه في بداية جائحة كورونا
- التأمين الصحي لمائة ألف أسرة
- مضاعفة معاشات المتقاعدين
- توصيل مساعدات عينية لآلاف الأسر التي لم تستفد أبدا من دعم الدولة بصفة مباشرة
- تعزيز حضور موريتانيا في محيطها الإقليمي والدولي
وغير هذا من الانجازات الكبيرة والمهمة.
أكتب إليك يا وطني العزيز وأنا أستحضر صفحات من النضال المشرق الذي خاضه جدي الزعيم أحمدو ولد حرمة ولد بابانا من أجل استقلالك وحريتك و كرامة شعبك ، وسعيه رحمه الله بنفسه ونفيسه من أجل أن تكون شيئا مذكورا.
تابعت حديث الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني في قناة فرانس 24 - وهو بالمناسبة حديث أظهر إدراكه العميق لحجم التحديات - واستحضرت عند كلامه عن موقف موريتانيا من القضية الفلسطينية أن موريتانيا سبقت جميع الدول العربية والإسلامية إلى المجاهرة برفض تقسيم فلسطين و تدنيس القدس الشريف أولى القبلتين وثالث الحرمين واحتلاله من طرف العصابات الصهيونية الغاشمة. فخطاب نائب موريتانيا في البرلمان الفرنسي أحمدو ولد حرمة ولد بابانا كان يومها واضحا ومباشرا وشاملا لما يجب أن يقال وما ينبغي أن يفعل، و ذلك أمام نواب فرنسا و مستعمرات ماوراء البحار ، وكسب بسببه أعداء كثرا ما زالت بصمات تأثيرهم تحول دون تثمين ماضيه النضالي المشرف.
أكتب إليك يا وطني، وأنا أستحضر تفريطك في المرحوم الدكتور الشيخ ولد حرمة ولد بابانا الطبيب الذي أعطاك و لشعبك نفسه ووضع تحت تصرفك خبرته الواسعة و علاقاته الدولية المحترمة فلم تستطع الاستفادة من خبرته في التشخيص وقدرته على وصف الدواء الناجع، فأضاعه ساستك وأيُّ فتى أضاعوا .
أكتب إليك لأني رأيتك تقدم رِجْلاً نحو طريق الحرية والنماء والازدهار الذي ناضل من أجل وصولك إليه الآباء والأجداد و مازلنا نصبو ا إليه.
وطني لم أتمالك دموع فرحتي وأنا أشاهد التحايا المفعمة بالمحبة العبقة بنسيم الحرية يوم عاد مواطنونا المختطفون في جمهورية مالي على متن طائرة عسكرية للجيش الموريتاني إلى العاصمة نواكشوط ، و شاهدت دموع الفرح في عيون الأهالي ونشوة النصر في عيون الوزراء وبسمات الأمل في وجوه المحرَّرِينَ، والفرحة العارمة بعد الحزن المخيم في الشارع العام كل هذا شكل مزيجا من الأحاسيس لا يمكن وصفها ولا التعبير عنها ، و تجدر الإشارة هنا أن الإرهاب لا دين له ولا دولة، والحرية نعمة لا يعرف قيمتها إلا من ابتلي بفقدها ساعة من نهار، قد يقول قائل هنا إن ما قامت به الدولة الموريتانية هو أبسط حقوق مواطنيها عليها، وأن من فعل ما يجب عليه فعله لا داعي للإشادة به، فنقول إن هذا ينفيه الواقع الذي كنا نعيشه ، فلو فعل كل واحد منا ما يجب عليه لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
فاهتمام الوطن بأبنائه وسعيه في تفريج كروبهم داخليا وخارجيا هو مسؤولية لا يمكن القيام بها نيابة عنه ولا يمكن أن يوكل أمرها إلى غيره.
ومع أنني لست من ممتهني الإشادة بكل شيء إلا أنني أرى أن الفرصة مواتية الآن أكثر من أي وقت مضى لتتبوأ بلادي مكانة لائقة في الساحة الإقليمية والدولية سألخص ذلك من خلال الإشارة إلى ثلاث نقاط رئيسية:
● النقطة الأولى: تتعلق بترتيب البيت الداخلي وما لمسناه من انفتاح سياسي قرب بين وجهات نظر مختلف الفرقاء فنحن اليوم أمام فرصة تاريخية لتتويج هذا الإجماع الوطني بمصالحة وطنية تُؤَسس على مصارحة حقيقية تصحح أخطاء الماضي وتعمل بروح الفريق و تتطلع لبناء الحاضر وتخطط بعمق ودقة لصناعة المستقبل الذي نصبو إليه جميعا ويجد كل واحد منا ذاته في صياغته وصناعته والاستفادة من ثمراته.
● النقطة الثانية: تتعلق بالظروف الصعبة التي خلفتها جائحة كورونا وما فرضته في بلادنا و محيطنا الإقليمي وجوارنا العربي والإفريقي من تحديات اقتصادية واجتماعية وأمنية كبيرة يحتاج تجاوز آثارها إلى مبادرات خلق وإبداع، وإلى النظر ببصيرة في الواقع المعاش، وإلى الاستغلال الأمثل للامكانيات و للوقت في سبيل رسم استيراتيجية وطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء و الدواء ، وتعزيز جهود مكافحة الغبن والتهميش، وصيانة المكتسبات التي تحققت في مجال الحكامة الرشيدة ومحاربة الفساد على المستوى الداخلي.
وعلى المستوى الخارجي ندعوكم سيادة الرئيس إلى تعزيز جهود إعادة التموقع في المحيط العربي والإفريقي والدولي ومحو الصورة النمطية التي كانت تَعْتبر موريتانيا شريكا ضعيفا وفقيرا لا حول لديه ولا قوة، إذا حضر لا يستشار وإذا غاب لا ينتظر. فالحضور الموريتاني الذي شهدناه اليوم في الشأن التونسي، وفي مجموعة دول الساحل الخمس، وما لمسناه من تطور في العلاقات مع السنغال والمغرب والجزائر يرفع سقف أملنا لنطالب بتعزيز المشاركة الفعالة في تسوية الأزمات وتذليل العقبات التي تحول دون تفعيل اتحاد دول المغرب العربي وتبوئه المكانة اللائقة به كمنظمة إقليمية فعالة تستطيع دولها بالاتحاد ونبذ الخلاف تحقيق الرقي والازدهار لشعوبها.
ونحن على يقين تام أن موريتانيا بقيادة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني تستطيع القيام بذلك لما تتمتع به من احترام وتقدير لدى كافة الأطراف.
ولم أر في عيوب الناس عيبا .... كنقص القادرين على التمام
● النقطة الثالثة: تتعلق بمكانة موريتانيا في المحافل الدولية، ويكفي لتعزيز هذه المكانة إثبات الجدارة من خلال تحقيق النجاح في النقطتين السابقتين. فبمقدار النجاح فيهما سيقدر العالم لموريتانيا مكانتها و يحسب لها حسابها .
سنحمي حماك ... ونحن فداك ... ونكسو رباك ... بلون الأمل ... وعند نداك ... نلبي أجل!