الانتقام الغربي من القلعة العربية الليبية:

الانتقام الغربي من القلعة العربية الليبية:

وقع الكثير من الليبيين في وهم ان الامبريالية (حلف الناتو) بما تفعل، تنتقم من النظام 1969 - 2011 م، وقيادته وعناصره فقط، تحت وهم الفصل والفرق بين الليبيين، غير أن الغرب لا يفكر بهذه الطريقة البتة ..

ان ما يجري ليبيا والليبيين، وبشكل واضح هو انتقام من ليبيا والليبيين جميعاً، انتقام في نتائجه لا يفرق بين ليبي واخر (مع اوضد) ، ولا يفرق بين نظام واخر، فكل ليبيا والليبيين يقعون تحت طائلة ووطأة هذا الانتقام ومفاعيله، بمن فيهم الذين يعتقدون ان الناتو يحبهم ويعشقهم ويحب سواد عيونهم ويخاف عليهم .. فالمأساة والفقر وظنك العيش وتقسيم البلاد ونهبها، وتحريك الحروب بين الليبيين يطال الجميع ..

ان ما يجري في الحقيقة هو دائرة انتقام منذ أسر الليبيين سفينة فيلادلفيا الأمريكية عام 1805م، إنتقام من معارك الجهاد العربي الليبي ضد الغزو الايطالي في الهاني وسوداني بن يادم، ومحروقة، والسدادة والقرضابية وابوغرة والكردون وصفيت والطابونية والمرقب ووادي دينار، انتقام من السنوسية المجاهدة، انتقام من معارك الجبل الأخضر التي قادها عمر المختار، وبومطاري والفضيل بو اعمر، انتقام من إقامة ليبيا دولة عربية، بعدما كان الغرب يريدها الشاطيء الرابع لروما الرومانية ..

انتقام من الارادة الحرة التي طردت القواعد الأجنبية الأمريكية والبريطانية عام 1970م، انتقام من طرد 25 الف إيطالي كانوا يحتلون ويستوطنون الأراضي الزراعية في ليبيا، انتقام من فرض السيادة الوطنية لمدة 40 عاما لا يستطيع غربي واحد التدخل في الشأن الليبي .. انتقام من تأميم المصارف الأجنبية التي كانت تسيطر على المال في ليبيا، وانتقام من تأميم النفط، وإجبار الشركات الأمريكية والبريطانية على الخضوع الارادة الوطنية ..

انه انتقام من القلعة العربية الليبية، انتقام من تاريخ ليبيا والليبيين العربي المشرف في كل قضايا الأمة العربية، من دعم الثورة الجزائرية، ودعم الثورة الفلسطينية, انتقام من إعلان ليبيا قومية المعركة عام 1970م، ودعم الوحدة اليمنية، وترسيخ النفوذ العربي في أفريقيا، انتقام من الدور الليبي في العالم الاسلامي، قلعة عربية إسلامية منتمية للجنوب ونتواجه الهيمنة الغربية ..

انه انتقام غربي واضح من كل ليبيا وكل الليبيين، بنهب الأرصدة والأموال، انتقام بالتواجد العسكري الأجنبي، انتقام لتسييد اجانب على البلاد، انتقام من الليبيين واذلالهم في طوابير التموين، والمصارف، وطوابير الحصول على ابسط مقومات الحياة من غاز وكيروسين ووقود ..

انتقام بفرض تقسيم البلاد وتثليثها، بل وتفتيتها عبر تظهير ورعاية مجموعات قومنة القبائل ووهم ووباء المكونات، والاقاليم ..

انتقام نراه ونحسه في. اللعبة القذرة والمكائد السياسية، في كل خطوة وتصريح ولقاء وزيارة، انتقام من ليبيا كلها، انتقام من قبائلها، ومناطقها، وافرادها واسرها، انتقام من و جودها حلقة وسط في جغرافيا الأمة العربية، وحلقة مهم في كفاحها ونضالها تاريخيا ...

فلا يوجد ليبي رابح من وراء هذا الانتقام الغربي من ليبيا وارادتها، وحتى الذين يعتقدون ان ما يجري هو نصر لهم وفوز يشيدون به ويهللون له، هم يدركون في قرارة أنفسهم مالذي يتم فعله بالبلاد والعباد والأموال .. ويحسون بالحقيقة المرة والمأساة الليبية، حتى وهم ينكرونها ..

ان ما يجري انتقام من الليبيين جميعاً على نار هادئة، بعدما سكتت قاذفات حلف الناتو وصواريخ وبوارجه، انتقام بطريقة ذكية، عبر متاهة إدارة الأدوات المحلية وتسييد التدخل الأجنبي، بتفتيت البلاد وتقسيمها وجعلها مرتهنة ..

ان الغرب لا ينسى مقاوتنا التاريخية الاستعمار والهيمنة طوال 100 عام، ولا يريد تكرار موقفنا ضد قواته الغازية، وضد بنوكه وشركاته وقواعده عام 1970م، ولا يريد تكرار منع تدخله وهيمنته على ليبيا، ولذا هو ينتقم من ليبيا برًمتها، بشر وشجر وحجر ..

فلا يعتقدن احد (فرد - قبيلة - منطقة - مدينة - قرية)، إن المأساة الليبية لا تمسه او هو سينجو منها .. والدعوة اليوم لكل الليبيين للعمل لإنقاذ البلاد من هذا الانتقام الأجنبي من البلاد .. فنحن جميعا اهل واخوة وليبيا لنا جميعا، ومواقفنا التاريخية (جهاد ضد الطليان، وملكية، وجمهورية، وجماهيرية)، محسوبة عند الغرب على كل الليبيين ..

... محمد غرس الله-كاتب ليبى