في الصور المرفقة ورقتان من شرح لمولانا الإمام حفظه الله على احمرار العلامة المختار ابن بونه والألفية. وقد وضع هذا الشرح قبيل الاستقلال الداخلي (١٩٥٨) ولما يبلغ الخامسة والعشرين من عمره المبارك. ولعل مما يجهله كثير من محبي مولانا الإمام أن النحو فنّه الأول الذي نال فيه التبريز وبزّ فيه أقرانه، حيث كانت محظرة أهله هي المجددة للدرس اللغوي في بلادنا الشرقية على حين قل المعتنون به، فاستقدمت له الأساتذة الكبار كالشيخ محمد محمود ولد أفلواط اليعقوبي والمرابط محمد السالم ولد الشين. ولقد كان مولانا شرع في جامعة الملك عبد العزيز - بعد تفرغه من أعباء الحكم- في تطوير الدرس اللغوي، لولا ما تعيّن عليه من واجب الوقت، من تجديد الاستنباط والربط بين الفقه والواقع، على أنه كان له قصب السبق في إبراز الخلل الذي حاق بالمدارس المعاصرة في تجاهل دور اللغة وتأكيد الوعي بفاقة الفقيه إليها. ومن طالع هذا الشرح - أو ما بقي منه بعد أن عدت عليه عاديات الزمن- لا ينقضي عجبه من جودة الصناعة ودقة المعلومة واكتمال البيان، فكيف إذا علم بسنّ الشيخ حين تأليفه، وبعده عن المكتبة، وقلة المراجع المعينة على مقصوده، فلقد كان حينها في قرية بوصطيله معلما في مدرستها فإذا احتاج إلى مرجع أرسل في طلبه إلى شيخنا الشيخ المحفوظ في تنبدغه. وقد اعتمد مولانا الإمام في مواضع من شرحه على دروس شيخه المرابط محمد السالم ولد الشين، كما في شرحه في هذه الورقات المرفقة لبيتي ذي الرمة: كأنا على أولاد أحقاب لاحها * ورَميُ السفا أنفاسَها بسهامِ جنوبٌ ذَوَتْ عنها التناهي وأنزلتْ * بها يومَ دبّابِ السفيرِ صيامِ وللناس في رواية وشرح هذين البيتين اختلاف كبير. ومن طريف ما يدل على ندرة المراجع وتنافس القوم في تحصيلها، ما رويته من خبر شيخنا الشيخ المحفوظ رضي الله عنه أن ضيفا نزل لديه قادما من آدرار وعنده نسخة من شرح العلامة سيدي محمد بن حبت على الألفيتين، فطلب منه شيخنا أن يقيم معه أياما لينتسخ نسخة من الشرح النفيس، فاعتذر الضيف ببعد الشقة وخوف الانقطاع عن الركب، فما كان من شيخنا إلا أن جمع خيرة تلاميذ محظرته ووزع عليهم الكتاب وهو كتاب ضخم جدا، فما ذرّ قرن الشمس إلا وقد أكملوا المهمة. وما تزال هذه النسخة المركبة موجودة لدينا وفي كل صفحة منها خط مغاير للذي في الأخرى. في الصفحات شرح لقول الناظمَين من باب النعت: وأتبع المنسوق والنعت وما * وكّد جرا غير ما له انتمى والنعت تابع متم ما سبق * بوسمه أو وسم ما به اعتلق من صفحة محجوب ولد بيه