عندما تجلس مع رجل من طينة الكبار

في وسط التسعينيات تلقينا دعوة من وزارة الإعلام المغربية، لزيارة المملكة…. كنا أربعة صحفيين من الجيل المؤسس للصحافة المستقلة: المرحوم حبيب ولد محفوظ والسفير  شيخنا ولد الننى والزميل محمد الامين ولد اباه وكنت رابعهم.

 

بعد عودتنا من مدينة طنجة إلى الدار البيضاء، تلقينا دعوة كريمة من الراحل الشيخ الوقور العالم الفهامة والأديب الأريب صاحب الطلعة البهية المرحوم محمد المختار ولد اباه.

ركبنا القطار  قبل منتصف النهار  من البيضاء إلى مدينة الرباط حيث يوجد البيت العامر الأثيل…

 

لكم أمتعتنا أحاديث حبيب رحمه الله ونحن في القطار متجهين إلى الرباط بحكاياته التراثية…..
 

كان مقيلا رائعا مفعما بالحديث حول الأدب والتاريخ والإعلام والسياسة  والترجمة…..

 انتهز المرحوم حبيب ولد محفوظ فرصة اللقاء  مع  المرحوم محمد المختار فطرح عليه عديد الأسئلة، وكنا نتابع ردوده بأسلوب هادئ وبنهم ومتعة إن لم أقل فى هدوء عجيب...

 

الجلسة الثانية التى جمعتنى بالمرحوم محمد المختار ولداباه كانت قبل ثلاث سنوات من الآن فى مقر جامعته الفتية حين رافقت الأمير السعودى السديري  مؤسس صالون السديري الثقافى بالرياض لحضور حفل علمي بمقر جامعته الفتية جامعة شنقيط..

استقبلنا المرحوم محمد المختار  بوجهه الطلق المتهلل وسمته الرباني المهيب….

 أخذنا في جولة داخل الجامعة لنطلع على إنجازه الأكاديمي الكبير الذى يحتضن مكتبة غنية ونادرة بالمخطوطات الثمينة.

 

عصي هو فراق أمثال الدكتور محمد المختار ولد اباه…

 

إنها ثلمة  فى الدين وفراغ علمي قل من سيسده فى زمن نحتاج فيه لمن يقدم المفاهيم الصحيحة للدين وبطريقة معاصرة…. رحيله شرخ فى ذاكرة بلد ومجتمع وغياب في لحظة فاصلة…

 

لقد كان المرحوم محمد المختار ولد اباه أحد رواد جيل التأسيس الذى ساهم في وضع أسس دولة فوق رمال متحركة.. وواحد من أساطين المعرفة في بلاد شنقيط….

اللهم ارحمه واغفر له وتجاوز عنه...

تعازينا القلبية لكل موريتانيا...