حول برنامج لاتغضب

ان ذلك البرنامج الذي يدعى ( لا تغضب )! و الذي يبدو ان الغرض منه اصلا هو اشباع رغبة بعض الساديين، الذين صاروا في بلادنا كما بشريا لا يستهان به مما اصبح من اللازم ان يقدم لهم برنامج تلفزيوني خاص بهم، رغم ما يكلف ذلك خزينة الدولة من اموال كان يجب انفاقها على الايتام و المعوقين او غير ذلك من ذوي الاحتياجات الخاصة!
انه برنامج يقدم من طرف صحافة من المفترض ان يكونوا يحترمون ضيوفهم ، و ليسوا مجرد ( بلطجيين) يهدفون الى اضحاك الساديين و لو على حساب ادباء و فنانين محترمين قدموا بحسن نية من اجل اثراء ثقافتنا الوطنية، فاذا بهم هدفا للسخرية من طرف الغوغائيين دون مبرر مقنع يخدم هدفا نبيلا، اكثر من مجرد قهقهة ساخرة لبعض الفضوليين :
ان هذا البرنامج قد تابعت منه حلقتين للاسف فواحدة منهما كانت مع المرحومة ديمي بنت آبه، التي كاد مقدم ذلك البرنامج ان يفقدها صوابها، و ذلك باتهامه لها زورا و بهتانا بانها قد شاركت في مقابلة صحفية، عابت فيها وطنها، و هي التي كرست حياتها و فنها خدمة لهذا الوطن، و هي ايضا المعروفة كذلك باخلاقها النبيلة و كذا كرمها الذي جعلها فوق مستوى السخاء المتعارف عليه.
و الحلقة الثانية كانت مع استاذ الرياضيات و فتى الادب (اتقانه ولد النامي ) في ذلك البرنامج الشاذ الذي تمجه الاخلاق الوطنية الاصيلة، حيث اضطرته مداخلة ( نابية ) من طرف احدى العاملين في ذلك البرنامج الى نوع من الاحراج، مما جعله ذلك يتحدث عن نفسه على الاثير مما كان يخجل من مجرد الاحساس به، داخل نفسه و الذي ذكر منه مقدم البرنامج ما يفيد باهميته!
و عليه فان تلك السيدة التي سببت ذلك الازعاج للاستاذ، لا يمكنني وصف ما قامت به على ضوء ما صدر منها ضد الاستاذ خوفا من ظلمها اذا كان لها ماض اخلاقي مغاير لما حدث منها في تلك الحلقة التي يبدوا انها كانت من ضمن الحلقات التي يتعرض فيها للإساءة بعض ضيوف برامج التلفزة الوطنية .
انه من خلال تلك البرامج الادبية التي تقدم التلفزة الوطنية من حين لآخر و الهادفة الى تجذير ثقافتنا الوطنية، كان السيد اتقانه من اهم فرسانها و الذي تعدت شهرته حدود الاقليم الى الاقطار العربية الاخرى، و يكفيه فخرا انه اسند اليه برنامج ( عيل لگبح ) ذلك البرنامج الذي ظل يقدم لنا ادباء مبدعين و فقهاء و كأنهم احجار زمرد كريمة رصع بها تاج اخلاقنا، و ليس بالغريب اسناد ذلك البرنامج الى اتقانه لكونه يمتاز بخصائص الفتوه، تلك التي للأسف لا تمنح لشخص الا بعد وفاته، خوفا من اي طارئ يطرأ على سجاياه النبيلة .
و اقول انه في اطار اللياقة فمن المأسف حقا بالنسبة لي : ان تكون هذه الحلقة التي تابعت عن الاديب اتقانه كان يديرها مخرجنا المحترم بابه ولد ميني الذي للأسف يبدو انه تولى (وجه المكشر ) المتمثل في استدراج الاديب للسخرية منه ارضاءا كما يبدوا لمجموعة سادية !
ايها الاخ بابه اذا كنت مضطرا - بحكم عملك في البرنامج -لاضحاك اولائك الغوغائيين كان من الافضل لك لو بحثت مثلا عن مراهق من (الديكة ) في احد الاحياء الشعبية و تجرح منقاره و تتركه يتعذب في شكل راقص كما وصف تلك الحركات الشاعر الكبير المتنبئ، معبرا بها عن حالته النفسية، لما كان غاضبا من امير حلب (سيف الدولة الحمداني)، لما قال المتنبئ في مجلسه :
لا تحسبوا رقصي بينكم طربا فالطير يرقص مذبوحا من الألم.
و اخيرا اقول انه لولا قلة اضطلاع اولائك الذين اختاروا اسم ذلك البرنامج، لما جعلوه سميا لحديثه (ص) القائل لا تغضب و المقصود بذلك الابتعاد عما يؤدي الى الغضب، او التحكم في النفس بعد حصول الغضب، ما دام الانسان لا يتحكم في اسباب غضبه مطلقا !
و في الختام فإني آسف نيابة عن تلفزتنا الوطنية و التي بدلا من ان تكرم ادباءنا و فنانينا الكبار و هم ما زالوا على قيد الحياة، فإذا بها بدلا من ذلك تعمل ما من شأنه ان يضعهم في مكان السخرية المؤدي الى الخفة، الشيئ الذي يفقد اولائك الادباء او الفنانين بعضا من هيبتهم و وقارهم لدى جماهير الشعب الموريتاني، تلك الجماهير التي كانت تقدرهم و تحترمهم و تضعهم في مصاف الكمال البشري الذي لا يصل اليه سوى الرسل او الانبياء عليهم صلوات الله و سلامه !
ذ/ اسلم محمد المختار مانا