ذكريات (المضحك المبكي) إعادة تدوير

من المضحك المبكي أن تقابل- واقعا أو افتراضا- على مائدة التعاطي الفكري والثقافي، قامة ثقافية تحسبها على مستوى من الوعي، فتتفاعل معها-واقعا أو افتراضا- حول القضايا الكبرى المؤرقة للوطن، أو للأمة، أو للبشرية؛ فيتصيد صاحبها في حديثك عبارة لم يعتد سماعها في كناش أبيه، فيطير لها فرحا، ويصرفك بها والآخرين عن جد الموضوع إلى هامش الهزل والهزؤ؛ فهي كلمة دخيلة مترجمة من لغات أجنبية، وليست أصيلة، والحجة المنقولة بواسطتها لا تقنع أحداّّ!!

تنظر بإمعان إلى محدثك، أو إلى صورته، فتشفق من حاله ووعيه المغشوش؛ وقد أسبغ على بدنه بدلة غربية أنيقة بربطة عنق لافتة العقدة والخطوط والألوان؛ وإلا بأن كان مختالا في زيه "الوطني" ألفيت دراعته من ألمانيا، ونعله من إيطاليا، وقميصه من أنكلترا، ونظاراته الطبية من روسيا؛ ثم ألفيت أغلب مطعمه "هامبركر" وأغلب شرابه الكولا، أما شايه فمن الصين، وسكره من البرازيل، وكل خضار بيته معلبات من مقدونيا وصربيا والجبل الأسود!!

دعك من سيارة الرجل وحاسوبه وطابعته ومكتبه وأثاث بيته، وهاك الأغرب من ذلك، فنصف حديث الرجل العادي أجنبي محضا، فهو لا يعرف سوى التكصي، والمرصه، وإصانص، والوته، وكدرونه، وآمبول، والكوزين، وكزوال، وكورانه، والتلفوة، والرديو، وادرا، وكوفرلي، وكرفور، وأردونانص، وابريك، وسيمونه، وابلومبيه، وبور، وكاز، والهوتيل، وآبارتمان، وفيرمان، وفيزا، واكردي، وتلفون، وشرجير،.... والحبل على الجرار!!

أليس غريبا حقا!؟
أليس من المضحك المبكي حقا؟؟؟