خطير: عسكري موريتانيا ينشر اكبر ملفات الفساد في الجيش

نشر المدون الموريتاني هارون رباني تفاصيل مثيرة عن ملفات فساد في الجيش الموريتاني يشيب لها الولدان

وتظهر بشكل دقيق مدي الظلم والهوان الذي تعرض له ابناء موريتانيا المتوفقين دراسيا امام ابناء الطبقات المتحكمة الفاشلين دراسيا

والذين احتلو في الوقت الحالي مراكز قيادية في الجيش رغم فشلهم التعليمي بينما وجاء في تفاصيل هذه التجاوزات في سنة 1986 ,و انا حاصل على باكلوريا "C" + سنة في "MP" ,

تقدمت للإمتحان إكتتاب الكليات العسكرية المغربية التي كانت تنظم سنويا من طرف الجيش الموريتاني. فشاركت في قسم الملاحة الجوية و نجحت رقم3 من ضمن تسعة كنا نحن المحظوظين . فبعد نشر اللئحة الناجحين بأيام طلبوا منا الحضور يوم 9 نوفمبر لإكمال إجراءات السفر و من ضمن هذه الإجراءات خلعنا لباس المدني و إرتداء الزي العسكري و حلق رؤوسنا ( boule à zéro) و إعداد جوازات السفر.ثم إشعار الاهل و الاحبه لطلب الدعاء منهم و "وداعهم" كما هو العادة.

و في اليوم القبل الموعد المحدد لسفرنا فوجئنا بإنضمام إلينا شابين لم يشاركونا في الإمتحانات بل علمنا بعد ذلك انهما زوروا شهادة باكلوريا لاحقا .

و في صباح جاء "باص صغير" و نقيب اسمه " علي ولد احويشي" كان يدير المكتب الثالث المسؤول عن المنح فنادا بإسماء جماعتي و باسماء "الملحقين" فركبوا في إتجاه المطار فبقيت واقفا انا و رفيق آخر إسمه "إعل فال" المسكين حيرانين لم نفهم شيء. فبينما نتساءل فإذا بعريف " ولد يبلج" لا انساه يصرخ علينا و يقول بملء فيه " ايو ما تحشمو ما جنحتو : مغرب ماه خالگه ، خالگ ألا أطار يبركو وهاوو "corvées غسلو جيرات ".

تلك الأيام كنا تحت رعايته و حراسته ليلا نهارا و نحن " نزلا" CQG سرية الخدمات العامة ريثما نكمل مشوارنا. بديلي و بديل رفيقي "المسكين" مازالا في الجيش احدهما الآن عقيد ابن ضابط من الحرس معروف و قد تقلد كثير من المناصب المهمة في الجيش و "مليونير" و لكن أتحفظ على إسمه لأنه لا ذنب له أنذاك كما عرفته أيضا صاحب اخلاق و سريرة طيبة. و الاخر مزال نقيب اوشك على تقاعد و هو أيضا ابن ضابط قديم من الجيش..في بحر الأسبوع الماضي كتبت عن الذي تعرضت له إبان إكتتابي في صفوف الضباط الجيش الوطني سنة 1986حيث منعت من منحة إلى المغرب بعد نجاحي في الإمتحان لصالح من لم يشارك اصلا في الإمتحان و الكارثة الاكبر لم تتوفر فيه أيضا شروط دخول المسابقة و لكن إبن لضابط و الأمر كان بأيدي الضباط من ذاك الجيل الذي "لا يخاف الله في شيء و لا يرجو رحمته" و العياذ بالله. و المعني عقيد يشغل منصب كبير الآن و لا يمكن له بحال من الاحوال نفي هذا الكلام، كما أني تحصلت أخيرا على وثائق كافية لفضحه هو و المؤسسة معا. و جل الزملاء و بعض من القدماء مازالوا لله الحمد أحياء و يتذكرون جليا الحادثة بل بعضهم عبروا لي تضامنهم التام و إستعدادهم لأدلاء شهاداتهم عند الحاجة إذا ما كان الامر في إطار لجنة تحقيق عسكرية. لا شك ان بقية حياتي تأثرت سلبا من تلك اللحة. شاب عشريني كنت احلم ان اغادر مراهقتي بأبتعادي عن حضن الاهل و العاطفه الزائدة و عن محيطي كله لأجل إثبات وجودي لهم إن رددت لهم الجميل لما ضحوا في سبيل نجاحي في الحيات و كان حق لي أيضا حصاد ثمار سنوات عديدة من المثابرة في الدراسة تحت ظروف قاسية جدا ، عائلة فقيرة تعيل عليها إمرأة ضعيفة لا اخ لها و لا اخت بل و لا قبيلة.( رحمها الله ما اعظمها).

فبإقصائي ، رغم مؤهلاتي التي لا شك فيها في ذاك التخصص ( ملاحة الطيران) حرمت تحقيق حلم حياتي و حرموا اهلي فرحت الوالدين شاهدوا وصول ابنهم رجاءهم. و بفعل ظالم لا يخاف مكر الله تحول "برنامج أمل" اسرة بأكملها لشخص و اسرة أخرى لم يبذلوا أي جهد في سبيله. ما ابشعها جريمة.

فبعدها التحقت محبطا صاغرا مدرسة للجيش في أطار وكان للأسف ما ينتظرني فيها من الظلم أدهى و أمر. لم افهم حينها ان المؤسسة العسكرية رهينة صراعات قبلية و جهوية من جهة و بين الناطقين بالفرنسية و العربية من جهة أخرى و عدم الا مسؤولية للجميع.
رغم هذه الأجواء الصعبة و الخلفيات المنحازة لكل طاقم المدرسة ، ظليت انا البريء, انا ولد المحيط العادي، انا الغريب في هذه موريتانيا "الاعماق" الحقيقية لا كشعار، انجح في الإمتحانات بمقدراتي الشخصية لا بإنتمائي، بل تفوقت على ازيد من نصف دفعتي. و في بداية عام 1988 سنتي الأخيرة من التدريب، منحني الله من جديد فرصة تحقيق حلمي القديم: ان اكون ملاحا. فعلا قرر التعاون العسكري الفرنسي في تلك السنة إجراء إكتتاب لمنح تكوينات في مجلات فنية من بينها الملاحة الجوية و لصالح عدد من الدول "الفرنكفونية". و كان الجيش الفرنسي هو المشرف المابشر على الإمتحانات لا قيادت اركان جيوش هذه الدول فأزدادت فرحتي و أملي في النجاح لأني فقدت من التجربة الأولى الثقة في نزاهة مسؤولينا و اصبحت انتظر الصدق و المصداقية و الرحمة من غيرهم. كنت محق في ذاك الإحساس و لكن المؤلم في الأمر و الضربة القاتلة لمعنوياتي هو ان مكرهم و خبثهم فاق كل تصوراتي. و نحن في EMIA باطار اخبرنا بالبعثة الفرنسية لإجراء إمتحانات بيومين قبل مجيئهم. أتذكر ان طائرتهم Transal حطت ضحا على مدرج مطار آطار المحاذي لمدرستنا و بقت تنتظرهم ليومين و انا كلي امل لاني أثق (انذاك) في معلوماتي و في المقابل اعرف مستويات زملاءي كلهم.
و على الفور ادخلوا في قاعة المحاضرات جميع طلبة الضباطEOA (سنة أولى و ستة ثانية) و ضباط آخرون في تدريبات DA و CPO و عدد المتسابقين يزيد على 120 و اكثرهم الآن برتبة عقيد او مقدم وهم أهم مسؤولي الجيش و الحرس و الدرك ( بنسبة أقل). و كانت إمتحانت في عديد من المواد و تحديد الشطارة و الذكاء و الشخصية النفسية Test psychotechnique و من المعلوم دوليا انها هذه الإختبارات هي المعهودة لولوج إلى المدارس التي تكون اصحاب الكفاءات العالية. فبدأنا و بدأت التصفية عند كل مادة و في نهاية اليوم الأول في الليل لم يبقى من المتسابقين إلى 20 نفر. و قبل منتصف النهار في اليوم الثاني لم يبقى في المسابقة إلى 6 انا و زملاء 4 من نفس الدفعة و ملازم أول من DA اسمه "كلبالي" لا اعرف هل مزال حيا. فقالوا لنا نحن الستة انتم اصحاب كفاءات عالية و على الجيش ان يفخر بامثالكم. و خصعنا بعدها لآخر إمتحان حيث كانت النتيجة أني تهلت انا و الرجل الطيب محمد سعدبوه لإمتحان عام على مستوى إفريقي سيجرى بعد ذالك بشهرين. و 4 الباقون لكل منهم قالوا له تخصص الذي ينصحون الجيش بأن يوجهه إليه. و هم من دون "كلبالي حاليا : 
- العقيد سيدات ولد حمادي ، فعلا منح إلى إسبانيا في المعلوماتية و هو مدير في الوزارة، أخ لمات رئيسة المجموعة الحضرية (إذا اسرة واصلة كما يريدون اهل موريتاني) 
- العقيد محمد محمود ولد أجدود و هو أيضا إستفاد من منحة إلى المغرب في "اللوجستيك" ليسهل عليه مساره المهني و يستفيد الجيش من كفاءاته. و هو أبن عائلة مشيخة فالامر عادي،
- أحمد ابن ابراهيم الرجل الطويل الساكت "حرطاني" والده سائق في الحكومة لم يمنح و لم يتقدم في الرتب إلى ان تقاعد و هو نقيب فقط و كنت اراءه دائما يجول شوارع نواكشوط على رجله كالمجنون مثلي انا، و لما نترايا لا هو يدنو مني و لا انا ارغب في ذالك كلانا نكتفي بإبتسامة في وجه اخيه المطحون. خسر الجيش مؤهلاته و خسر المجتمع رفاهية و إزدهار و إعتزاز بالوطنية اسرته التي تشهد ان لا إله إلا الله و ان محمد رسول الله عليه الصلاة و السلام و انهم موريتانيون.
اما انا و الخلوق محمد سعدبوه بقينا ننتظر رجوع جيش الفرنسي الغير المسلم و الذي لا يظلم عنده الضعيف!!!. حينها بدأت ماكنة الظلم تمارس علي من جديد. محمد سعدبوه كان في "فصيلة" اخرى( قسم عربي) و حن له قائده الملازم اول مصطفى الذي سرحه من ذاك اليوم لتحضير إمتحان المرتقب و حتى كان يعطيه إجازة لنزول المدينة بحثا عن كتب و اساتذة . و بهذا قام مصطفى بواجبه الأخلاقي و الديني و وطني أيضا. أما انا كنت في فصيلة (قسم الفرنسية) يقودنا الملازم أول ( الآن عقيد) حمادي ولد اعل مولود لم يسمحلي و لا يوم واحد بل و لا ساعة واحدة للمراجعة و أصبح يزيد ضغطا علي كأني عدؤ لدود و أخطر من ذاك لم يخبرني بالتاريخ الإمتحان إلا ان وصلت البعثة على متن طائرتهم حركوها إلا موريتنيا و ما يترتب على ذلك من المصاريف على كاهل اامواطنين الفرسيين لان هنلك ولدان يستحقان بمؤهلاتهم هذ ا الجهد كله بينما "حمادي و اعلي مولود" المسؤول عني لم يهتم و لم يشعر بالامانة و ارسلني إلى خارج المدينة إلى واد "سگليل" في شدة حر "الصيف" القاتل لتدريب COMBAT يوم مجيئهم ليعتذر بعد ذلك للفرنسيين عن إمكانية حضوري و قدموا له "ولد سعدبوه" وحده فرفضوا بدأ الإمتحان إلى بعد حضوري رغم انهم عليهم رجوع في الطائرة نفس اليوم. فبعثت المدرسة إلي سيارة و دخلت قاعة الإمتحانات و قد بلغ العرق مني ما بلغ "حمادي ولد إعل مولود" فالإثم. 
فالتمست في وجه احد الفرنسيين كانه يتسأل و لماذا هذا الولد الصغير يعامل بهذه الطريقة القاسية فقال لي استرح قليلا و اعطاني كيس من لبن لا انساه ابدا لشدة عطشي. فهذه هي الظروف مشاركتي في الإمتحان. و قبل نهاية السنة الدراسية بقليل جاء دور " الجولة الدراسية" إلى فرنسا و في هذه ايضا لم يتورع الظالم "حمادي ولد اعلى مولود" حيث شطب على إسمي بدون أي سبب( الا رام جلي) و منعني انا "النكرة" من قضاء راحة إستجمام 15 يوم كسائر اصحابي، 
بعد تخرج في نفس السنة 1988كنت اول من إستفاد (+ أثنان من الزملاء) من منحة في الخارج و لكن كانت إلى مصر و في تدريب لا يليق بالضباط اصحاب كفاءات علمية ( الصاعقة). و الجيش الموريتاني كان اكثر إحتياج في مجالات تساعد على تطويره البنيوي و قيادة الجيش في تلك الفترة لا يخفى عليها الشيء. و لما وصلث مصر و رأيت بأمي عيني تفاهة التدريب احتجت على ما انا فيه من الظلم و خرجت ليلا من الثكنه العسكرية في قرب من الصحاري سينا وحدي على بعد 600km من قاهرة سيرا على اقدام. فأستنفرت السفارة و السفير احمد سيد احمد وزير خارجية اسبق و مستشاره احمد التگدي هو ايضا وزير خارجية اسبق.
و الحمد لله كل الذين ذكرتهم مازالوا على قيد الحيات. و ليعلم "حمادي ولد اعلي مولود" اني اطلب بحقي فيه. " و العاقبة للمتقين و لا عدوان إلا على الظالمين..". 
الا لعنة الله على الظالمين.
و للقصة بقية.

وكالات