"اخديجة" وحكايتها العجيبة مع "يحي" (الحلقة 2)

وما إن استقرّ بنا المقام حتى التفتت الى أمي وقالت: أطلبيلي مولانَ ال يحيى...

تابعتْ حديثها الذي تخلله بكاء..وعويل أحيانا...وصمتٌ ...وتفكّرٌ ونظرٌ الى السماء...ثم.........ثم...
نظرتْ يمنة ويسرة...هزّت رأسها...رمَقَت السماء ثانية...انحنت إلى الأرض...قالت :
 القاسم ـ رحمه الله ـ ابن أختي وزوج ابنتي ,يكبرها بسنة ونصف..وُلدا وعاشا في خيمتي أيام البادية ...ترعرعا معا..وكبرا معا..ما كان أحدهما يستطيع فراق الآخر لحظة....يرعيان صغار الغنم معا..يذهبان الى الوادي القريب ..وأحيانا يتجاوزان الى عين ماء يغذيها شلال ينحدر من جبال كنا نمضي الشتاء والصيف بجوارها ...وعندما يقترب المساء ويتأخران عن وقت عودتهما ...كان قلبي يتقطع عليهما حزنا وخوفا ...كنت أخشى أن يصيبهما مكروه ..وحين أراهما مقبلين يضحكان ويمرحان.. وقد جمعا بعض الحشائش وأوراق الشجر أدرك أنهما بخير...كانت تغمرني سعادة لا حدود لها...
 كان شيء ما يكبر معهما..ينمو ....لا يدركان ماهيته..ولا يعرفان له تفسيرا سوى أن كل واحد منهما متعلق ومنجذب بشدة نحو الآخر...
لا يعرف الصغيران أنها بذرة حب ...نبتة عشق ..كانت تُسقى ببراءة الطفولة ...وأحلام الصِّبا....
آه....سامحوني ..ذهبتُ بكم بعيدا...
 والد القاسم مات مغدورا في دكانه بساحل العاج ...حيث أطلق عليه اللصوص أعيرة نارية أردته قتيلا في الحال...
سألتها أمي :
ما علاقة القاسم وأبيه بابنك يحيى....ضحكت ضحكة تعجُّب وحسرة وألم ...
القاسم!! .... القاسم ابن أختي وزوج ابنتي....تربى في حضني... يحيى ابن القاسم الوحيد وحفيدي...
 بعد أن وصل القاسم الثامنة عشر من العمر ارتأيت أنا وأختي أنه آن الأوان كي نزوجه من ابنتي ولا نحرمهما من بعض...وذلك ما تم بالفعل...
بعد 3 أشهر ذهب القاسم مثل أقرانه الى السنغال للعمل في التجارة ولم يكن يعلم أن زوجته في بداية حملها ..
ابتسمت ابتسامة من نسي شيئا ويريد الرجوع إليه ....
 أثناء دراسة القاسم للقرآن الكريم ـ وهو مراهق ـ احترق عليه عريش "المحظرة"  في يوم عاصف.. شديد الرياح ...كان نائما بداخله...لكن النار لم تمسسه بسوء.....بعدها بسنة سقط في بئر طولها ثمانون ذراعا دون ان يصيبه أذى...وبعد هاتين الحادثتين كان يتبجح أمام الجميع ويقول :
 أنا "والله العظيم ما نستعمل ادْوَ انصارة , ؤلا اتجي فيَّ دَكَـه" لأني لن أموت من المرض ، ثم يذكر حادثة البئر والحريق...ومن المؤكد أن سبب موتي سيكون إما برصاصة كما قُتل أبي في ساحل العاج أو حادث سيارة.... ثم يُتبع يمينه بضحكات ما زالت أصداؤها ترنّ في مسامعي كلما تذكرتها.....
"ايوه..حكَـللَّ أطلبولي مولان ال يحي"
 آه...بقيّ أخو القاسم الأصغر أحمد في "لخيام" بعد سفره وكان قد أوصاه سرا أن يرسل إليه بكل شيء يتعلق بزوجته فهي بمثابة شقيقته وفي نفس عمره تقريبا.....

الحلقة الاخيرة غدا إن شاء الله
 

بقلم/ محمد محمود محمد الامين