لماذا تتصاعد المخاوف من اندثار اللغة العربية في المستقبل؟

عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

تصاعدت تحذيرات الخبراء في العالم العربي في السنوات الأخيرة من الأزمة التي باتت تعاني منها اللغة العربية في ضوء اللجوء إلى لغات أجنبية، وعلى رأسها الإنجليزية، في التعاملات اليومية بين الناس، وفي الأنظمة التعليمية، وعبر الكثيرون عن قلقهم من اندثار اللغة العربية تدريجياً في خضم هذا الواقع وإذا لم تتدخل الحكومات العربية للحفاظ على قوة ورصانة اللغة العربية، داعين إلى تبني مبادرات رسمية وغير رسمية لإحياء اللغة العربية. وفي هذا الإطار، نشر موقع “الإيكونوميست” تقريراً بعنوان “ضياع لغة القرآن”، في 29 سبتمبر 2022. وتطرق التقرير إلى أهم ملامح الأزمة التي تعيشها اللغة العربية، والتي تجعلها معرضة للاندثار.

إشكاليات مقلقة

ويمكن استعراض العوامل التي رأى التقرير أنها تفسر تصاعد المخاوف من اندثار اللغة الغربية في المستقبل؛ وذلك على النحو الآتي:

1- تراجع التعليم باللغة العربية لصالح الإنجليزية: أوضح التقرير أن اللغة العربية على الورق تعد من أكثر اللغات نجاحاً في العالم؛ إذ يتحدثها ما يزيد عن 400 مليون شخص تقريباً. لكن العرب، بحسب التقرير، يتحدثون عدداً كبيراً من اللهجات، وليس العربية فقط؛ حيث يتحدث العديد من الأطفال في المدارس الابتدائية مزيجاً من اللغتين العربية والإنجليزية، ومن ثم سيؤدي ضعف التعليم باللغة العربية إلى تقويضها مع انتشار اللغة الإنجليزية. لذلك ليس من المستغرب، وفقاً للتقرير، أن يتوقع دبلوماسي بريطاني سابق وخبير في اللغة العربية، اندثار ها في غضون قرن من الزمان.

2- دور كبير للأزمات العربية الحديثة في تراجع اللغة: طبقاً للتقرير، يعكس تراجع اللغة التاريخُ الحديثُ، فلقد أجبرت الحروب الأهلية الملايين على ترك التعليم، وعلى سبيل المثال، دمر العنف بغداد ودمشق، وهما اللتان كانتا ذات يوم قلعة القومية والثقافة العربية. وأشار التقرير إلى أن الأمر لم يقف عند هذا الحد فحسب، بل إن من يديرون الدول العربية لا يتحدثون اللغة العربية تحدثاً جيداً في كثير من الأحيان، لافتاً إلى أن الصينيين واليابانيين والكوريين احتفظوا جميعاً بلغاتهم.

3- هيمنة اللغة الإنجليزية على التعاملات في الخليج: نوه التقرير أن اللغة الإنجليزية تعتبر هي أخطر تهديد الآن؛ إذ أضحت هي اللسان المهيمن في الخليج، وهو ما أكده استطلاع رأي أجراه أحد مراكز استطلاعات الرأي في دبي عام 2017، وفق ما ذكر التقرير. كما شدد التقرير على أن السعودية باتت أحدث دولة خليجية تعلم أطفال المدارس اللغة الإنجليزية بجميع مستوياتها.

4- عجز الطلاب عن كتابة العربية بطريقة متماسكة: أضاف التقرير أن معظم الطلاب في منطقة الخليج يذهبون إلى مدارس خاصة؛ حيث اللغة الإنجليزية هي اللغة الرئيسية للتعليم. ووفقاً للتقرير، أفادت دراسة أجراها البنك الدولي العام الماضي بأن العديد من الأطفال العرب، حتى عندما يكونون في السنة الرابعة في المدرسة، يعانون لأجل كتابة جملة متماسكة باللغة العربية.

5- تسلل لهجات دخيلة إلى معاقل اللغة العربية الفصحى: أوضح التقرير أن مجموعة من اللهجات بمفرداتها وتراكيبها المختلفة اخترقت معاقل اللغة العربية الفصحى، مثل البرلمانات والبرامج التلفزيونية ودور النشر. ووفقاً للتقرير، ومن أجل زيادة التوزيع، يقوم الناشرون بطباعة المزيد من الكتب بتلك اللهجات الدخيلة. صحيح أنه لا تزال القنوات الإخبارية التلفزيونية تُبث باللغة العربية الفصحى، طبقًا للتقرير، إلا أن الكثير من العرب يفضلون الحصول على أخبارهم من وسائل التواصل الاجتماعي، وتكون هذه الأخبار مكتوبة بلهجات أجنبية في الغالب.

مبادرة مطروحة

وختاماً، أكد التقرير أن اللغة العربية ستبقى بالطبع لغة القرآن، لافتاً إلى أنها تعتبر أكثر بقاءً من اللغة اللاتينية، نظراً إلى وجودها في وسائل الإعلام والخطب. وفي هذا السياق، شدد التقرير على أن “حسام أبو زهر” مؤسس مبادرة إحياء اللغة العربية، وهي منصة عبر الإنترنت تسعى جاهدة إلى إحياء اللغة، عبر عن آماله في بقاء اللغة العربية مثلما استمرت اللغة اللاتينية في الكنائس لعدة قرون على الرغم من عدم وجود متحدثين أصليين لها.