المدرسة الجمهورية أو كيف نعزّز التماسك والوئام الاجتماعي

ما أنا إلاّ امرأةٌ موريتانية اكتسبتْ خبرةً متواضعةً في مجال التنمية البشرية المستدامة، وتريد أن تعبّر عن تقديرها وامتنانها لإرساء المدرسة الجمهورية. وهذا الأمر لا يمثّل في الواقع سوى استعادةٍ للقيم الاجتماعية والثقافية، وبعثٍ للروابط والأواصر التي توحّد المجتمع الموريتاني بشكل عام وتجسّد طموحَه لتكريس المساواة بين المواطنين.
وعندما نتحدث عن إصلاح التعليم الأساسي، فمن البديهي أنّه يتعيّن علينا أن نفكرَ في المرأة، بوصفها الأمّ والمربيةَ الأولى؛ مما يجعل مشاركتها في التنمية البشرية المستدامة لوطننا الغالي أمرا محورياً. فدورُها في مجال التحسيس لإنجاح هذا الإصلاح، دورٌ حاسمٌ، قبلياً وبعدياً.
وبعيدًا عن الأحاديث السياسوية والقبَلية وما إليها من المواقف التي تغلّب المصلحةَ الفرديةَ على حساب المصلحة العامة، لا يسعني إلا أن أُساهم في هذا الحدَث الكبير ببعض المقترحات التي ستضمن - دونما شكٍ- تحقيق الأهداف المرسومة على المدى الطويل والمتوسط:
1. تشكيل لجان للتحسيس والمتابعة والتقييم مكونة من النساء والفتيات (تلميذات وطالبات) بوصفهن الفاعلات المعنيات في المقام الأول بهذا الإصلاح؛ على أن يُعهدُ إلى هذه اللجان بتحديد المشاكل المطروحة (الاختلالات وأوجه القصور الملاحَظة) واقتراح الحلول المناسبة لها.
وينبع هذا الدور من كون المرأة هي المربية الأولى التي لا يجهل أحدٌ دورَها في تحقيق الانسجام الاجتماعي، وإسهامَها الحاسم في تنمية وشحذ قُدُرات الطفل الأخلاقية والفكرية. كما يعود إلى دور الفتاة الذي لا يقل أهميةً من حيث هي التلميذة والطالبة، التي يمكن أن تتمخض عبقريّتُها عن أفكارٍ خلاّقة تنير التغيير، وتدعم الإصلاح، وتضمن تحقيق النجاح.
2. إشراك المجتمع المدني بشكل بارز، وتقديم الدعم اللازم له، كيْ يساهم في عمليات التحسيس والتعبئة الاجتماعية، ويؤدي – بوجه خاص- دورَه الهام في مجال المتابعة والتقييم.
3. تفعيل رابطات آباء التلاميذ وتشجيع مشاركتها الفاعلة في عملية الإصلاح.
4. تشكيل لجان متابعة للإصلاح على المستوى الوزاري.
5. تشكيل لجانٍ شبابية تُعنى بمتابعة وتقييم الإصلاح.
6. تنظيم حملة كبرى للتحسيس والتوعية الجماهيرية حول الإصلاح تتم فيها تعبئة التلفزيون والإذاعة والاسكتشات المسرحية.
7. تعزيز قدرات ومهارات المدرّسين وتحسين خبراتهم.
8. السهر على صحة وسلامة المنشآت التربوية، من حيث: النظافة، والتهوية، وبناء المراحيض، إلخ.
ويجب أن تقدّم اللجانُ السالفة الذكر تقاريرَ شهرية عن عملها، وذلك ما من شأنه التمكّن من تحديد وتقييم أوجه القصور بشكل مبكّر للتغلب عليها في الوقت المناسب. وهذا ما يجعل تلك التقارير بمثابة لوحات تحكّمٍ تساعد بشكلٍ جيّد في تحقيق الهدف المنشود.
وبالجملة، فإن نجاحَ هذا الإصلاح رهينٌ بتضافر جهود القطاعات الحكومية، ودعم شركاء التنمية، وتعاون المجتمع.
جميلة التجاني بوكوم