القضاء و نفاذ القانون ..و إحترام قواعد العدالة الجنائية

إن الإجراءات المتصلة بتنفيذ القانون مثل إقتياد المتهمين وتنفيذ الأوامر و الأحكام القضائية قد تخلق أحيانا بعض الحساسيات و الإحراج، يتعرض له رجال الاختصاص داخل الحقل القضائي من قضاة و أعوان القضاء ؛ كما قد يكون الطرق و الوسائل المستخدمة لتطبيق القانون في حد ذاتها مشكلة ستطرح نفسها علي القضاء علي نحو ما قد يحدث علي مستوي بعض نقاط العبور و التفتيش.. من قبل الأجهزة الأمنية المختصة من سلطات نفاذ القانون(حرس الحدود من الأسلاك العسكرية المرابطة علي الحدود، وحتي في مواجهة الإرهاب و الجرائم العابرة للحدود).
و عليه يمكن القول، إنطلاقا من الممارسة المستمدة من النصوص الملزمة للعمل القضائي، علي أن القضاة يحرصون على إحترام الاجراءات والتطبيق السليم للقانون ؛ وعليه فإنه علي جميع الجهات في الدولة إحترام القضاء علي إعتبار أنه أهم تجليات "مرتكزات دولة القانون والمؤسسات " ؛ حيث يدعو للإستغراب الشديد، عندما نكون في دولة يوجد فيها من يعتبر(ون) نفسه فوق القانون، إستنادا الى سلطته او الى مركزه او نفوذه: : فالالتزام بالقانون هو السلوك المدني و التصرف الحضاري الذي لا يوحي بالضعف كما يتوهم البعض؛ بل هو مؤشر على القوة في الحق الذي يخدم الجميع في نهاية المطاف في الدولة.

وعلي العموم فإن مشكلة تطبيق القانون علي مستوي القضاء و نفاذه علي مستوي سلطات نفاذ القانون تعكسان مدى نضج الثقافة القانونية لبلد معين؛ و درجة مؤشر إحترام القانون و قواعد دولة القانون داخله. و هنا يقع الدور على النيابة العامة، حسب طبيعة النظام القضائي، في المتابعة و تقييم المساطر المتعلقة بالموضوع مع مختلف الأجهزة و الضبطيات المعنية بالتنفيذ، وفق الصرامة و التعليمات الدقيقة التي تتطلب و تسمح بها الإجراءات القانونية ؛ ونشير هنا إلي عدة أمور مهمة تصب كلها في الموضوع :

أولا/ التقيد بالإجراءات القانونية في كل القضايا المعروضة باعتبار الإجراءات سيدة الموقف و إحترامها هو إحترام القانون ؛ و الشكل يقيد الأصل ؛ و مراعاة الدفوع الشكلية من الأمور المهمة في المحاكمة العادلة ؛

ثانيا/ مراعاة ترتيبات و نصوص آليات حقوق الإنسان الملزمة أثناء العمل و التحقيقات المختلفة، في إطار إحترام قواعد العدالة الجنائية؛ و التي تحتم ضرورة وجود محاضر ضبطية لدي قوات تطبيق القانون من الجيش عند الحدود أثناء مداهمات من يشتبه في كونه من جماعات مسلحة أو عصابات التهريب...إلخ. أهيمة هذه المحاضر الملزمة والتي قد يسأل عنها - في حالة عدم إحترام وجودها- رؤساء النيابة العامة من مدعي عامين حسب الإختصاص، أهميتها أنها تضفي الصفة الشرعية والقانونية judiciarisation des actes de perquisitions لتلك المداهمات و العمليات العسكرية والأمنية؛ علي أن يتضمن هذا الصنف من المحاضر جميع المعلومات حول الحجوزات المختلفة، من أسلحة و هواتف ووسائل ومعدات مختلفة ضبطت في حوزة المتهمين؛

ثالثا/ يجب أن تصاحب الإرادة القوية المفترضة لدي النيابة العامة في السهر علي تطبيق القانون و فق سياستها الجنائية المرسومة سلفا، يجب إذاً أن يواكبها علي مستوى جميع المؤسسات الدستورية و العسكرية و الأمنية في الجمهورية، إحترام تام لجميع قرارات و احكام القضاء علي النحو الذي يحتمه الدستور و تفرضه مواده و قواعد العدالة الجنائية و دولة القانون؛ وهو ما يجعل علي كاهل الجميع هنا : مهمة الإنصياع والحرص علي تطبيق و إحترام القانون كل من موقعه؛ و قد اشرنا إلي جانب من الموضوع في مقال سابق يحمل عنوان ( الجيش و الدولة القانون ) ؛

رابعا/ علينا في إطار مسؤوليتنا بصفتنا قضاة جالسين كل من موقعه و إختصاصه، في إطار تطبيقنا للقانون و إسقاط القواعد و المبادئ والإجتهادات المتطابقة علي القضايا موضوع الحكم، أن نستحضر دورنا الحقيقي هنا في عملية حماية القانون المتمثلة في : إحقاق الحق و تحقيق السكنية و الأمن بين جميع الأطراف ؛ وفق ما تكفله نصوص ترسانتنا و منظومتنا القانونية،من خلال قرارات وأحكام قضائية قوية ومؤسسة ومقنعة وذات حجية تفرض بها نفسها وتجعلها محل احترام وتقدير من الجميع داخليا وخارجيا.
القاضي/سيدي محمد شينه