نبذة من حياة الشيخ سيدي مولود فال ناشر الطريقة التيجانية في غرب افريقيا

هو الشيخ الكامل والعارف الواصل أبو السعود سيدي مولود فال مربي الرجال وموصلهم إلى أعلى درجات الكمال ابن العلم الأشهر محمذ فال من اشتهر علمه في سائرالأقطار ابن القاضي الأمين إمام العلم والدين المعروف بألمين بن العلامة المختار قاضي القضاة والمرجع في سائر المشكلات بن السيد الفاغ موسى الفقيه المشتهر بعلمه الواسع وصيته الذائع ابن السيد يعقوب الجعفري الهاشمي، وينتهي نسبه رضي الله عنه إلى سيدنا عبد الله بن سيدنا جعفر الطيار شهيد مؤتة الذي خاطبه النبي المختار بقوله "أشبهت خلقي وخلقي. أما أسرته آل الفغ موسى فقد تبوأت مكانة عالية يشهد لها القاصي والداني في جميع أصقاء المعمورة في شتى مجالات العلم والصلاح من لغة وأدب وفقه وقضاء وإفتاء.

وروي أن أحدهم كان يكتب في الأحكام القضائية كتب القاضي فلان ابن القاضي فلان إلى سبعة قضاة من نفس الأسرة وفي ذلك يقول أمحمد بن أحمد يوره :

والموسويون الأولى قد فصلوا* حكم القضاء بكل حكم فيصل وفي ذلك يقول أيضا الأديب والمؤرخ المختار بن حامد في موسوعته : "أهل الفغ موسى بن يعقوب . . . وفي ولده يعني الفغ موسى : القضاء المتسلسل خلفا عن سلف " .

ووالد الشيخ سيدي مولود فال كما ذكرنا أعلاه هو العلامة محمذن فال بن ألمين وكان وحيدا في العلوم مشهورا بالصلاح والنسك والعبادة وقد توفي عن عمر يزيد على التسعين وهو مدفون رحمه الله في مقبرة انتفاشيت حوالي 50 كلم شرقي العاصمة نواكشوط.

وأما والدة سيدي مولود فال فهي السيدة الفاضلة المنجبة الصالحة الناجمة بنت محنض أوبل وهي جارية لوالده بنى بها فأنجبته ويسميها العلويون "الناجبة" رضي الله عنه وعنها وعنا به.

ولد الشيخ سيدي مولود فال عام 1187هـ كما صححنا ذلك من عدة طرق ، وكان مولده بنواحي تنيفيل الواقعة شمال شرق انواكشوط على بعد 80 كلم أو أكثر بقليل وقد توفي رحمه الله عام 1267هـ عن عمر يبلغ 80 سنة وهو مدفون بمقبرة تمبيعل الشهيرة.

كما جرت به العادة درس سيدي مولود فال القرآن العظيم حتى حفظه رسما وتجويدا ثم درس العلوم على أخيه أحمد فال وكذا على عمه العالم الفاضل عبد الله بن ألمين فدرس الفقه وعلوم القرآن واللغة بفروعها حتى تبحر في كل ذلك، وقد حدثني العالم الفقيه محمد يحي ولد آكاه رحمه الله ناقلا عن ثقاة أن سيدي مولود فال قد تبحر في علوم الظاهر تبحرا عجيبا وهو دون الخامسة والعشرين من العمر.

أما علوم العربية فقد كان تبحره فيها مشهورا ففي كناش العالمة العارفة عيشة بنت أحمد "أن جدها العلامة محمد فال ولد باب قال ناقلا عن العارف بالله المختار ولد ببان أن شيخه سيدي مولود فال كان أعلم أهل زمانه في اللغة حتى أن المختار وهو ثبت ثقة ساوى بينه وبين الفيروز أبادي صاحب القاموس.

وإلى تمكنه في العلوم يشير الشاعر محمدو ولد محمدي العلوي بقوله:

وإذا سد باب علم عويص        كان مفتاح بابه المسدود

علم الأصل والفروع إلى أن  ليس في العلم يبتغي من مزيد

وقد اعتنى سيدي مولود فال بالتصوف درس منه ما هو في مقدمات كتب الفقه والعقيدة إلا أن ما مارسه من عبادة واعتزال للخلق وهو حدث يدل على أنه قد أخذ طريقه نحو التزكية في وقت مبكر.

وكان والده السيد محمذ فال قد تحدث عن ولايته وصلاحه وللآباء فراسة خاصة في أولادهم قل أن تخطئ الصواب.

وما ورد إلينا من أخبار انهماكه في العبادة يدفعنا إلى القول بأنه رضي الله عنه قد منح منذ صغره العلم الوهبي من الله لأن وقته كان مخصصا للطهارة والصلاة أكثر مما كانت مخصصة للانكباب على العلوم التي تبحر فيه بفضل الله.

ولم يثبت لدينا ما إذا كان سيدي مولود فال قد أخذ إحدى الطرق التي كانت منتشرة ذلك الزمن كالقادرية والشاذلية اللتين أخذ أورادهما كبار العلماء من معاصريه.

إلا أن عدم أخذه لطريقة قبل الطريقة التجانية هو الأصح المشهور،وكان رضي الله عنه زاهدا في الدنيا لا يقيم لها أدنى اعتبار ولا يعيرها لحظة من وقته ومع ذلك فقد عاش كريما غنيا بالله لا يدري الناس من أين ينفق.

ولقد أهدى له الشيخ عمر الفوتي رضي الله عنه عند لقائه به جرابا مملوء بالذهب فقبله ثم رده إليه قائلا بأنه لا حاجة له بالذهب وقال للشيخ عمر الفوتي أنت أحوج مني للمال لأنك في جهاد.

هاجر الشيخ سيدي مولود موطنه الأصلي طلبا للكسب الحلال في روايات وطلبا للشيخ المرشد في أخرى.

وكان خروجه رضي الله عنه من الحي وهم في نواحي تنيفيل حوالي عام 1223هـ وعمره إذ ذاك يناهز الرابعة والأربعين على وجه التقريب متجها جنوبا حيث ألقى عصا الترحال في أرض أبناء سيد الفال وفي فخذ أبناء ألفاغ ألمين منهم بالذات وهم يقطنون محلة لهم تدعى تنشكيل.. في هذا الحي الديماني استقر سيدي مولود فال وطاب له المقام وتزوج رضي الله عنه زواجه الأول.

بعد أن أقام فترة السنتين في تينشكل أطلعه الله على عودة الشيد الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه بواسطة الولي صلاحي ولد محمذن ولد آبن صاحب الكشوفات الذي التقاه بتينشيكل وخاطبه دون سابق معرفة قائلا:

ذاك ابن النويجمة! ما ذا تنتظر إذهب إلى الشيخ الحافظ في أرض إيدوعل فقد أتى بطريقة لم تأت قبله، إذهب إليه لتأخذ نصيبا من لبئه (اللبأ في اللغة أول اللبن).

وبعد حصول هذا الأمر الغريب عزم سيدي مولود فال على الرحيل بحثا عن الشيخ محمد الحافظ فقيل له أنه يوجد في أرض تندغه المعروفين بحلة أربعين جوادا وكان الشيخ محمد الحافظ يراوح المقام في العقل والمقام في ناحية تندغة.

وتابع سيدي مولود فال رضي الله عنه السير دون كلل حتى أنعم الله عليه بلقاء العلامة العارف بالله سيدنا وجدنا الشيخ محمد الحافظ قدس سره في حي قرب بئر تسمى انتوطفين.

وكان جدنا الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه إذ ذاك يسكن مع أخته الفاضلة آمنة بنت المختار ولد حبيب وأمام خيمتها كانت تقرؤ الوظيفة ولم يكن الشيخ محمد الحافظ قد تزوج إذ ذاك ولقد كان اللقاء بين الرجلين حارا فكأنهما قد تعارفا منذ أمد بعيد..

وفي ليلة اللقاء أو في صبيحتها أخذ الشيخ سيدي مولود فال الطريقة التجانية ووجد الشيخ أبو السعود في الطريقة ما يثلج صدره ويملأ فراغا طالما شعر به في قلبه.

وهنا بدأ عهد جديد في حياة الشيخ أبي السعود كله معرفة وعظمة وجهاد.

وتجلى اهتمام الشيخ محمد الحافظ بسيدي مولود فال في كونه قدمه منذ أول لحظة وزوجه بأخته الفاضلة آمنة بنت المختار ولد حبيب وخرج له عن الخيمة ليسكنها.

و‘لى هذا أشار الشاعر محمدو ولد محمدي بقوله:

صحب الحافظ المجدد حتى               حازما حاز من مقام بعيد

سافر الشيخ سيدي مولود فال رضي الله عنه أربعة أسفار مهمة منها حجه إلى بيت الله الحرام عام 1250هـ.

ومنها سفران قام بهما إلى فاس الأول قام به آخر عام 1230هـ أو بدايةعام 1231هـ للالتقاء بالشيخ رضي الله عنه والثاني قام به أواخر عام 1233هـ لأخذ أسرار الطريقة أما سفره الرابع فهو إلى إدويره وقد قام به عام 1261هـ وكان غرضه الالتقاء بالقطب الفوتي الشيخ عمر رضي الله عنه وهو إذا ذاك في بدايات جهاده لنشر السلام والطريقة في غرب إفريقيا.

يقول الشاعر محمدو ولد محمدي:

ما زال يوردها الأواجن فوقها       نسج الخورنق قد علاها الغلفق

حتى أناخ ببطن مكة نوقه              للـــــــــه همته وتلك الأينق

فثوى بمكة ما ثوى حتى قضى         كل المناسك ذا دعاء ينسق

زار النبي وصحبه من بعدما         قد طال منه إلى الجميع تشوق

ويشير الشاعر محمدو ولد محمدي لحجة سيدي مولود فال كذلك في داليته الخفيفية الرائعة التي رثاه بها حيث يقول:

وثوى ما ثوى فجد مشيحا    قاصدا بيت ربنا المعبود

طاف بالبيت زار أحمد والصحــب ففاز المجد بالمقصود

زار تلك البقاع كلا فلما       هم عنهن نحونا بصدود

عاهد الله أن يعود إليها         ولقد كان وافيا بالعهود

وقد أخذ الشيخ سيدي مولود فال عن عدة شيوخ ذكرهم في وثيقة هذا نصها وقد نقلها الوالد الشيخ الهادي من خط سيدي مولود فال مباشرة:

"الحمد لله وبعد:

فإني أخذت هذه الطريقة عن سيدي محمد الحافظ رضي الله عنه ثم سيدي الغالي رضي الله عنه ثم أبي يعزى بن الحاج على أحرازم رضي الله عنهما، ثم سيدي الحفيان رضي الله عنه ثم سيدي عبد الرحمن رضي الله عنه ثم سيدي عبدالواحد رضي الله عنه ثم سيدي الطيب رضي الله عنه وهم أخذوا عن الشيخ في حياته رضي الله عنه.

وأخذت أربعة من أبي يعزى لم يأت أحدا بها من قبل وهي الفاتحة مع الاسم الأعظم وفي حزب البحر وفي الأسماء الإدريسية وفي ياقوتة الحقائق وهذه الأربعة لا تدخل في عموم الإطلاق لا بد من النص عليها"..

وقد نظمت سند سيدي مولود فال تسهيلا للحفظ في قولي:

لسيدي مولود فالنا سند                  موثق العرى صحيح المستند

خذه إليك قد نظمت جوهره              من خطه جوهرة فجوهره

أول من في ذي الطريق سلكه          محمد الحافظ فانح مسلكه

لكنه في زوره لفاس                        أخذ عن أجلة أكياس

وكلهم عن شيخنا التجاني                 أخذ ورد اليمن والإحسان

ومنهم الفائز بالإطلاق                  من شيخنا التجاني باتفاق

فقدموا مولود كل واحد                 بما لديه من علوم الواحد

أخذ مولود السرى الغالي               عن الشريف الحسني الغالي

من عشرة حازوا ضمان المصطفى     بالفتح حسبهم ضمانه كفى

مثل أبي يعزى وذا أجازا              مولودنا في السر لا مجازا

قال له قد جئت زائرا فعد         وارجع تجد إذنا صحيحا يعتمد

وقبل الشرط أبو السعود               فخصه عن شيخنا بأربعه

فاتحة بسرها والبحر                    ياقوتة وفي الجميع ذخر

رابعها الأسماء وهي تنسب         حقا لإدريس فخذ ما أكتب

كذا وقد أخذ ذو العرفان             مولود عن سيدنا الحفيان

كذاك عبد الواحد الرباني          والطيب المعروف بالسفياني

وعابد الرحمن وهو السند           شيخ المشائخ وتم السند

بهم أرجي الفتح واتصالا           أختار لا أختار الانفصالا

بالشيخ والرسول صلى الله              عليه والآل ومن قفاه

تخرج من مدرسة سيدي مولود فال مجموعة من كبار المشائخ الذين برزوا بالدعوة إلى الله والذين لا زالت أمدادهم الربانية سارية في الخلق إلى اليوم.

فالشيخ عمر الفوتي رضي الله عنه صرح في كتابه الرماح بأنه أخذ عن السيد عبد الكريم الناقل والسيد عبد الكريم أخذ عن سيدي مولود فال وذك قبل اتصاله رضي الله عنه بالسيد محمد الغالي.

وعن الشيخ عمر أخذ ألفا هاشم مايرو خال السيد الحاج مالك سه وشيخه في الطريقة  ولدى السيد الحاج مالك سه المذكور سند آخر متصل بالشيخ سيدي مولود فال بواسطة الشيح محمد عالي بن محنض.

كما أن السيد العالم الحاج عبد الله انياس يتصل بسند سيدي مولود فال عن طريق الشيخ معاذ كاه عن

الشيخ شيرنو عمر جالو عن أبيه شيرنو مودبو جالو عن الشيخ عمر عن السيد عبد الكريم.

هذا عن الأسانيد المتصلة به في السينغال أما في موريتانيا فهناك سند السيد بان أم ولد حم ختار الحاج الواداني ومن ضمن المرتبطين بهذا السند الشيخ سيدي محمد ولد الصغير مؤلف الجيش الكبير وأخوه سيدي عبيدة مؤلف ميزاب الرحمة الربانية ومن هو منهما وإليهما.. وقد أجاز السيد عبيدة بهذا السند السيد سيدي العربي ابن السائح الشرقي العمري، وقال السيد العربي إن هذا السند وإن يكن طويلا حسا فهو قصير معنى..، ويرتبط السيد محمد فال  ولد باب أيضا بهذا السند بواسطة سيدي العربي الشرقي العمري.

وفي السودان يوجد سند سيدي الخليفة ود دوليب عن سيدي مولود فال وما زال هذا السند قائما منتشرا في منطقة كردفان بالسودان..

ومن المرتبطين بهذا السند سيدي العلامة المحدث السيد محمد الحافظ المصري إمام ومقدم الطريقة في مصر.

وما يزال سند السيد مودوبو أحمد راجي قائما في نواحي آدوماه بنيجيريا ،كما أن سند المقدّم المبجّل الشيخ سيّدي أحمد الحبو رضي الله عنه قائم منتشر في اتشاد والكاميرون والنيجر.

ومن تلامذة الشيخ سيدي مولود فال الأجلاء السيد المختار ولد محمذن ولد بابان خليفته وحائز لواء التربية من بعده.

ومن بين من تتلمذ عليه سيدي أحمد بن الخليفة محمدي (بدي) بن سيدين رضي الله عنه، وهو عالم جليل وأحد أركان الطريقة في ذلك الزمن.

وقد صحب السيد أحمد الشيخ سيدي مولود فال بعد وفاة والده سيدي محمدي عام 1264 هـ ذكر ذلك ابنه السيد محمد الأمين في كتابه عنه المسمى "نزهة الغيب والجلاس"..

وهذا نص إجازة الشيخ سيدي مولود فال للسيد أحمد بن بدي:

"الحمد لله وبه ثقتي وصلى الله على من لا نبي بعده

وبعد:

فإني قد أذنت لأحمد بن محمد ي في طريقتنا وعطائها لكن بشروطها المعلومة".

ومن تلامذته المتخرجين على يديه القاضي الكبير والعلامة النحرير السيد محنض بابه ولد اعبيد الديماني واسمه المختار بن أحمد.

ومن كبار أصحابه العالم العلامة والثبت الثقة الفهامة السيد باب ولد أحمد بيبه العلوي رضي الله عنه وكان من علماء الشريعة محبا لأهل الحقيقة آخذ الطريقة بالإخلاص وبالنية الصادقة كثير المحبة للشيخ رضي الله عنه.

وكان السيد باب محبا للشيخ سيدي مولود فال ملازما له لا يفتأ يتوسل به في أشعاره ومن ذلك قوله في قصيدته اللامية المشهورة:

بتعلقي بعريف تجان الذي        شهد الأنام بأنه نعم الولي

وبوارثيه السيدين محمد          ألحافظ الأرضى الأبر الأمثل

والموسوي أبي السعود أخي التقى    مولود فال العابد المتبتل

أرجو النجاة لوالدي ولمريم        يوم الحساب وأن نال مؤملي

وممن صحبوه رضي الله عنه العلامة السيد الفاضل والولي الكامل عبد الكريم بن أحمد الفوتي.

وقد عاد السيد عبد الكريم إلى أراضي فوتة حيث لقن الطريقة للكثيرين ومن أشهر من أخذ عنه الشيخ عمرالفوتي رضي الله عنه.

ويرتبط بسند السيد عبد الكريم الشيخ أحمد انداك سك خليفة الشيخ في حاضرة تينابا في السنغال الذي أخذ الطريقة من شيخه الشيخ أحمد به عن شيخه وأبيه محمد حمي به ( المهدي) عن شيخه عبد الكريم جل عن الشيخ سيدي مولود فال.

ومن كبار تلامذة سيدي مولود فال الولي المستحق للتقديم السيد آبديه ولد سيدي ولد غاطين العلوي رضي الله عنه.

وممن أخذ على سيدي مولود فال ابن أخته السيد حدأمين ولد محمذن تكرور..

ومن تلامذة سيدي مولود فال الكبار المقدمين السيد الخليفة ود دوليب السوداني ومنهم السيد أحمد الحبو التشادي ومنهم سيد أحمد محمود ولد حرمه ولد الصبار وغير هؤلاء من المشاهير العظام رضي الله عنهم أجمعين.

وبعد أن بلغ سيدي مولود فال رسالته وخلف شيخه فأحسن الخلافة وبعد أن عاش عمره البهي عمر الثمانين حنت نفسه إلى لقاء ربه فمرض رضي الله عنه مرضا قضى فيه أياما وتوفي في تمبيعل يوم الجمعة في ربيع النبوي عام 1267هـ رضي الله عنه وأرضاه ودفن في أديمها الطاهر.

وقد ذكر السيد باب ولد أحمد بيب في نظمه التاريخي وفاة سيدي مولود فال بقوله:

وبعد موت أبي السعود     بعام سبع سيدي مولودي

يا رحمة الله على مولود    سحى وثجى واسكبي وجودي

كما رثاه السيد محمد ولد محمدي بالقصيدة القافية التالية:

نجب الليالي بالبرية تعنق                 نحو المنون فسابقون ولحق

من عاش فهو وإن تطاول عيشه       بالحبل من شرك المنون معلق

من لم تصبه سهامها لا يغترر          فله عليه حديد ناب تخرق

من أخطأته إلى سواه سهامها          فله تراش سهامها وتفوق

إلى أن يقول:

أفبعد أحمد يرتجي نيل البقا       راجي البقا من بعد أحمد أحمق

ومنها وهي من عيون الشعر العربي:

ما زال يوردها الأواجن فوقها     نسج الخورنق قد علاه الغفلق

حتى أناخ ببطن مكة نوقه           لله همتــــــــــــه وتلك الأينق

فثوى بمكة ما ثوى حتى قضى      كل المناسك ذا دعاء ينسق

زار النبي وصحبه من بعدما        قد طال منه للجميع تشوق

لما قضى الأوطار عزب نحونا     والشمس بعدغروبها قد تشرق

ما زال يتبع شيخه ولما به            أمسى تخلق شيخه يتخلق

حتى غدا وهو الخليفة حوله           حلق الوظيفة للتلاوة تحدق

وغدا اللعين يفر من جنباته             إن اللعين إذا رآه يفرق

قد عاش وهو مدى الحياة لكلما      يرضى الإله من الأمور موفق

متخوف متأسم بإلهه                       متمسك متنسك متصدق

متواضع متصاعر مبتذل                  متوثق متذلل مترفق

فأقام بعد رجوعه بهدى الورى         زمنا به جيد الزمان مطوق

حتى أتاح له الشهادة ربه             إذ هو في بحر المعارف مغرق

صلى الله على النبي وآله          وصحبه فأنا بهم متعلق

وقد رثاه كذلك تلميذه وصاحبه وحبيبه السيد باب ولد أحمد بيبه لما حل به عند موته من جزع وأسف بهذه القصيدة الدالية التالية:

مات التقى يوم مات الشيخ مولود      وقوض العلم والعلياء والجود

وأصبح الدين قد مالت دعائمه          وركنه اليوم أضحى وهو مهدود

قد كان مولود شيخنا صالحا وله        من الإله على الطاعات تاييد

ما كان إلا سراجا نستضيء به          وكل يوم لنا من فضله عيد

عف عفو عن الزلات ذو همم          ما كان يوما له بالجار تنديد

وكان في كل ما قد رام يصحبه       من المهيمن توفيق وتسديد

هذه النبذة ملخصة من كتاب "طوالع السعود في حياة ومناقب غلام التجاني أبي السعود" تأليف عبد الله بن الشيخ الهادي بن سيدي مولود فال