إقامة مهرجان للكلاب في الصين

لم تفلح حملات قام بها ناشطون صينيون في دفع الحكومة لاستصدار قرار يحظر قتل وسلخ الكلاب

وقد انطلق صباح اليوم الثلاثاء مهرجان يولين السنوي لتناول لحوم الكلاب بمقاطعة قوانغشي جنوبي الصين دون أي معوقات.

ولم تكن الحملات الإعلامية الداعية لوقف المهرجان سوى وقود لإذكاء نار الفضول لدى العامة، لذلك احتشد المئات من الصينيين في ساحة كبرى بمدينة يولين لمتابعة المجازر التي ارتكبت بحق آلاف الكلاب في ظرف ثلاث ساعات.

كان النباح طاغياً، لكنه لم يتجاوز صيحات جمهور لم يستوقفه لون الدماء، فاندفع بكل ما أوتي من طاقة مصفقا مهللا لجزارين تباروا فيما بينهم في قدرتهم على قتل أكبر عدد من الكلاب بضربة فأس واحدة.

ثلاث ساعات كانت كافية للقضاء على 3100 كلب قتلاً وسلخاً، لكنها لم تكن كافية لوصول مركبة تابعة للشرطة الصينية في الوقت المناسب، إذ حضرت في ختام العرض في مشهد درامي معتاد، لرفع العتب أمام الحملات الداعية لتدخل حكومي.

الشاب يانغ لينغ الذي قاده الفضول لحضور المهرجان، يقول للجزيرة نت "لم أكن أرغب في المجيء، ما شاهدته اليوم كان مجزرة حقيقية. على الحكومة أن تتدخل لوقف هذا الجنون ومعاقبة مرتكبي هذه المجازر".

أما الناشطة ضد المهرجان شياو لين فقالت "فشلنا هذا العام أيضاً لكننا لن نيأس. سنواصل حراكنا حتى النهاية".

سمعة الصين
واعتبرت شياو أن المهرجان يسيء إلى سمعة الصين، وأن المشاركين فيه لا يمثلون غالبية الصينيين الرافضين له.

واستغربت كيف لا تتدخل الحكومة لوضع حد لهذا الانتهاك، وهي التي أقرّت قبل عشرة أعوام قانون "الكلب الواحد" الذي يتيح للأسرة حيازة كلب واحد فقط.

في المقابل، عبّر عدد من المؤيدين عن استهزائهم بالحملات الرافضة للمهرجان، وتساءلوا عن سبب التركيز على الكلاب في حين أن المعترضين أنفسهم يسلخون ويأكلون لحوم الخراف والغزلان "وهي أكثر ألفة ووداعة من الكلاب".

شياو لين: فشلنا في منع مجزرة الكلاب هذا العام لكننا لن نيأس (الجزيرة)

وفي حديث للجزيرة نت قال شاب يأكل لحم الكلاب ويفضلها على ما سواها "لا أفهم سبب اعتراض البعض. أصبح الأمر سخيفاً. ربما يجب على هؤلاء أن يذهبوا إلى أحد المسالخ المجاورة، ليروا كيف يتم التعامل مع الأغنام والأبقار والخنازير قبل أن تصلهم لحومها جاهزة على طبق فاخر مع النبيذ والأرز الساخن".

ويرى الباحث غو ليانغ أنه لا ينبغي اختصار المهرجان بالتركيز على جانب واحد وإغفال جوانب أخرى هامة لكونه يمثل تقليداً ثقافياً توارثته الأجيال الصينية.

دفء ونشاط
ويضيف أن الصينيين القدماء كانوا يفضلون لحوم الكلاب لاعتقادهم بأنها مصدر للدفء والنشاط في الشتاء وللتعرّق في الصيف.

ونظراً لصعوبة اصطياد الكلاب في تلك الحقب خصصوا يوماً في العام ليتعاونوا على ذلك، ومع مرور الوقت أصبح هذا اليوم تقليداً سنوياً يضاف إلى قائمة المهرجانات التقليدية في الصين.

ويرى أن من المهم الحفاظ على هذا الموروث، ولكن في الوقت ذاته يجب أن يراعي القائمون على إحياء هذه المناسبة مشاعر ملايين الصينيين الذين أقاموا علاقة ودية مع الكلاب وصلت إلى حد التبنّي.

يذكر أن تربية الكلاب ظاهرة جديدة في الصين وتعكس مدى تأثر الصينيين بالثقافة الغربية.

ورغم الضجة الكبيرة التي أثارها مهرجان يولين فإن التقارير الصادرة عن مراكز الأبحاث الصينية تشير إلى أن الصينيين ينفقون نحو 65 مليار دولار سنوياً على الاعتناء بالكلاب والحيوانات الأليفة، وأن نحو 50% من هذه المبالغ تنفق فقط على شراء قبور فاخرة لها.