هل_يكفي_القانون_وحده_لتصدي_لخطر_المخدرات

 

لكل بلد في العالم سياسة جنائية خاصة به تتحدد معالمها من خلالها تركيزها علي محاربة نوع معين من الجرائم وتتبني عقوبات معينة لفعاليتها في تحقيق أهدافها و في انتظار وضع سياسة جنائية وطنية واضحة المعالم ولها أهداف محددة تسعي للوصول اليهاأولها التصدي للظاهرة الاجرامية المتنامية سواء من خلال تدابير احترازية تتجاوز المفهوم التقليدي للامن وتنتهي بالنهوض بدور المؤسسات السجنية كدور لدمج واعادة الجانحين للمجتمع متجاوزة المفهوم التقليدي للعقوبة كانتقام من الجاني سأحاول أن اقف علي معضلتين تتطلبان تدخلا عاجلا ومؤقتا في انتظار وضع سياسة جنائية وطنية شاملة يتم صياغتها من طرف خبراء الميدان جميعا

أولا :وضع خطة عاجلة لتصدي لظاهرة انتشار المخدرات....

لا توجد سياسة جنائية وطنية واضحة المعالم لتصدي لظاهرة الجريمة بصورة عامة وجريمة المخدرات بصورة خاصة ويجب التنبيه هنا إلي أن أغلب الجرائم ذات الخطورة البالغة يتم إرتكابها من طرف الجناة تحت ضغط المخدرات كالقتل والسرقة والحرابة والإغتصاب .....

ويشكل انعدام مصحات استشفائية متخصصة عقبة حقيقية في مكافحة ظاهرة الإدمان بل وأحيانا يجعل تطبيق الإجراءات البديلة التي نص عليها المشرع عملا مستحيلا وأمام هذه الوضعية الحرجة ليس أمام المحاكم سوي توديع المدمنين داخل المؤسسات العقابية العادية بدل إخضاعهم لدورات علاجية ولا يخفي علي أحد أن المؤسسات السجنية تعاني أصلا من انتشار المخدرات داخلها مما يعمق أزمة السجون ويزيد من إنتشار المخدرات داخل أوساط الشباب المنحرف الأمر الذي يعطي انطباعا سلبيا بفشل ولا جدوائية العقوبات المتاحة.

وإذا كان من أمر ملح فهو ضرورة استحداث منشأة صحية ذات طبيعة عقابية يتم فيها حجز مدمني المخدرات و إخضاعهم لعلاجات بغرض تخليصهم من تأثيرات تعاطي المخدرات والي أن يتم إيجاد تمويل لمثل هذه المنشأة الضرورية نقترح علي معالي وزير العدل الموريتاني كحل استعجالي و مؤقت العمل مع وزارة الصحة علي تخصيص جناح من مستشفي الامراض العقلية " طب جا"لمدمني المخدرات علي أن يخضع الجناح لإجراءات أمنية خاصة.

من جهة أخري يشكل انعدام المختبرات المتخصصة في تحليل وتصنيف وتركيب المواد المخدرة ذات الخطورة والخطورة البالغة إلي إرباك العمل القضائي إذ كثيرا ما يثار تساؤل عن طبيعة المادة المحجوزة هل هي مخدر أم أنها مجرد مادة تمويهية و إذا كانت مخدرة فأي نوع من المواد المخدرة حتى يمكن تصنيفها داخل الجداول المعتمدة حيث يمكن تحديد درجة خطورتها ؟

أمام هذه الإشكالات التي تطرح يلاحظ أن الجهة المعتمدة في تحديد طبيعة ونوعية المواد المخدرة هو المكتب الوطني لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وهو الجهة المكلفة أصلا بمتابعة جرائم المخدرات مما يعني أن طلب الدفاع المتكرر دوما بإجراء خبرة مضادة لن يجد جوابا مقنعا علي الأقل لدي دفاع المتهمين.

ثانيا : تدخل فور وعاجل لمعالجة أزمة السجون ووضع سياسة عقابية هادفة

لايخفي علي أحد اليوم ما تعانيه السجون في موريتانيا من اكتظاظ وفوضي ليس المجال مناسب للتطرق الي أسبابها إذ الأولوية لوضعية نزلاء المؤسسات السجنية والتي فقدت دورها كمؤسسات للتأهيل و إعادة دمج الجانحين وتحولت بفعل الإفراط في الاعتقال وغياب أي سياسة عقابية الي مخازن بشرية يكدس فيها عتاة المجرمين الي جانب آخرين حديثي عهد بالجريمة أقل خطورة مما حولها إلي مدارس لتخريج المجرمين بدل إعادة تأهيلهم.

ولتجاوز هذه المعضلة المزمنة لا بد من وضع سياسة عقابية جادة وطموحة تسعي الي تزويد كافة المؤسسات العقابية بملحقات وورش مهنية لتدريب النزلاء فيها علي الأعمال و الحرف اليدوية كالنجارة و اللحامة وورش البناء وكافة أشكال التكوين المهني مما يسمح لنزلاء السجون بالاندماج في الحياة الاقتصادية و الاجتماعية بعد استكمالهم لمحكومياتهم.

وفي انتظار وضع سياسة جنائية شاملة ومنظومة عقابية متكاملة وفعالة يبجب علينا التدخل عاجلا بخطة واضحة لإبقاء الوضع تحت السيطرة .

 

من صفحة القاضى

احمد ولد مبابة